قيل لعمرو بن عُبيد‏:‏ ما البلاغة؟ قال‏:‏ مَن لم يحسن أن يسكت لم يُحسن أن يَسمع ومَن لم يُحسن أن يَسمع لم يحسن أن يسأل ومَن لم يُحسن أن يَسأل لم يُحسن أن يقول. وقيل لبعضهم‏:‏ ما البلاغة قال‏:‏ مَعْرفة الوَصْل من الفَصل‏.‏ وقيل لآخر‏:‏ ما البلاغة قال‏:‏ إيجاز الكلام وحَذْف الفُضُول وتَقْرِيب البعيد‏.‏ وقيل لبعضهم‏:‏ ما البلاغة قال‏:‏ ألا يُؤتى القائل من سُوء فَهْم السامع وألا يُؤتى السّامع من سوء قول القائل. وقال معاوية لصُحار العَبْديّ‏:‏ ما البلاغة قال‏:‏ أن تُجيب فلا تُبطئ وتُصيب فلا تُخْطئ‏.‏ وسمع خالدُ بن صَفْوان رجلاً يتكلّم ويُكثْر فقال: اعلم رحمك الله أن البلاغة ليست بخفّة اللسان وكَثْرة الهَذَيان ولكنها بإصابَة المَعْنى والقَصْدِ إلى الحُجَّة‏.، فقال له‏:‏ أبا صَفْوان ما من ذَنْب أعظم من اتْفاق الصَّنعة‏.‏ وتكلّم رَبيعة الرَّأي يوماً فأكثر ‏”‏وأُعجب بالذي كان منه‏”‏ وإلى جنبه أعرابي فالتفت إليه، فقال‏:‏ ما تعدون البلاغة يا أعرابي قال‏:‏ قلة الكلام وإيجاز الصواب قال‏:‏ فما تَعُدّون العِيّ قال‏:‏ ما كنت فيه منذُ اليوم‏.‏ فكأنما أَلْقمه حَجراً‏.‏ ومن أمثالهم في البلاغة قولهم‏:‏ يُقِلّ الحزّ ويُطبِّق اْلمِفْصل‏.‏ وذلك أنّهم شَبّهوا البَلِيغ المُوجز الذي يُقل الكلام ويُصيب الفُصول والمَعاني بالجزَّار الرَّفيق يقل حَزّ اللَّحم ويُصيب مَفاصله‏.‏ وقيل لأعرابيّ‏:‏ مَن أَبلغ الناس قال‏:‏ أَسْهَلهم لَفظاً وأحسنهم بَدِيهة‏.‏ وقيل لآخر‏:‏ ما البلاغة فقال‏:‏ نشر الكلام بمعانيه إذا قَصُر وحُسْن التأليف له إذا طال‏.‏ وقيل لآخر‏:‏ ما البلاغة فقال‏:‏ قَرْع الحجَّةِ ودُنُوّ الحاجة‏.‏ وقيل لآخر‏:‏ ما البلاغة قال‏:‏ الإيجاز في غَيْر عَجْز والإطناب في غَيْر خَطَل‏.‏ وقيل لغيره‏:‏ ما البلاغة قال‏:‏ إقلال في إيجاز وصَواب مع سُرعة جواب‏.‏ قيل لليُونانيّ‏:‏ ما البلاغة قال‏:‏ تَصْحيح الأقسام واختيار الكلام‏.‏ وقيل لبعضهم‏:‏ مَن أبلغ الناس قال‏:‏ من ترك الفُضُول واقتصر على الإيجاز‏.‏ وكان يقال‏:‏ رسول الرجل مكان رَأيه وكتابه مكان عَقله‏.‏ وقال جَعفر بن محمد عليه السلام‏:‏ سُمِّي البليغ بليغاً لأنه يَبلغ حاجتَه بأَهْون سعيه‏.‏ وسُئل بعضُ الحكماء عن البلاغة فقال‏:‏ مَن أخذ المَعاني الكثيرة فأدَاها بألفاظ قليلة وأخذ المعاني القليلة فولّد منها لفظاً كثيراً فهوِ بَليغ‏.‏ وقالوا‏:‏ البلاغة ما كان من الكلام حَسناً عند استماعه مُوجزاً عند بَدِيهته‏.‏ وقيل‏:‏ البلاغة‏:‏ لَمْحة دالّة على ما في الضَّمير‏.‏ أبو تمام: إني نظـرتُ ولا صـوابَ لعـاقلٍ فيما يهــمُّ بهِ اذا لم ينظــرِ فإذا كتابُكَ قـَـدْ تُخـِيرَ لَفْظُــهُ وإذا كـتابي ليـس بالمتخـيّرِ وإذا رســومٌ في كتابك لم تـدعْ شـــكّاً لنَظّـــَـارً ولا مُتَفَكــرِ شَــكْلٌ ونَقْطٌ لا يُخـِيلُ كـأنّهُ الـ ـخِيلانُ لاحَتْ بينَ تلكَ الأسطُرِ Esmaiel.Hasan@admedia.ae