مبادرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله بمساندة أهل مصر تحت شعار “مصر في قلوبنا” فتحت أبواب أملٍ وتطلعات شعب ونبشت في الذاكرة تلك العلاقة القديمة بين قادة مصر ومؤسس دولتنا الحبيبة، وتذكرت عدداً قديماً لمجلة آخر ساعة المصرية عندما دعا الزعيم الراحل جمال عبدالناصر الشيخ زايد، طيب الله ثراه، لزيارة رسمية للقاهرة حتى يتعرف عليه ولكن الزيارة لم تتم بسبب وفاته. وكان رأي عبدالناصر في حكيم العرب واضحاً فقد قال عنه: “هذا الرجل سوف يكون له شأنٌ كبير في القريب العاجل بمنطقة الخليج العربي!” وتحقق الحلم في 1971 أي بعد رحيل عبدالناصر إذ غير قائد مسيرة الاتحاد ملامح ووجه الحياة في الإمارات. ويطالعنا أرشيف صوت العرب عن برنامج “مولد زعيم” الذي اُذيع في السادس من أغسطس 1968 وتحدث فيه الشيخ زايد للبرنامج بصوته للمرة الأولى فعبر عن طموحاته في إنشاء وحدة متينة ومجتمع مدني عصري. في تلك الأثناء كنت في الشندغة وكان لوالدي راديو ألماني الصنع ماركة جراندنج لم نسمع منه سوى “صوت العرب” وخطب بوخالد للشعب المصري والأمة العربية كما جلب لنا صندوق العجائب هذا، صوت سيدة الغناء العربي كوكب الشرق السيدة أم كلثوم وهي تصدح مغنية وقد تبرعت بريع تلك الحفلات للمساهمة في المجهود الحربي ضمن حملة تسابق فيها مفكرو مصر ومبدعوها إلى جانب متخذي القرار للمساهمة بما أمكن لدعم الجيش المصري في مواجهته للقوى الصهيونية. تلك هي الصورة الذهنية التي لا تغادر خاطري وفي حياتنا اليومية لمصر دور محوري يكاد يكون يومياً فقد كانت والدتي تنهرنا عندما نبالغ في استحواذنا على الأشياء أو عند الأكل بشراهة ونهم فتستخدم المثل الشعبي “الرغيب عطوه مصر ماسدته” والمقصود هنا أن “الشخص الجشع أعطوه مصر ولم يكتف بها”!! وقبيل المغرب انزويت أفكر في مصر وعلاقتي الحقيقية بها فهي التي ترعرعت على ذكرها وعاشت في قلبي قبل أن تطأها قدمي وقد سبقني إليها قادة عُظام وآخرون كالعِظام لن أقول عنهم سوى “اللهم إني صائم”. مصر ما يثير الشجن والحب والاحتواء وهي ليست أم الدنيا بل عالمٌ آخر به كواكب ونجوم وتهب عليه تيارات تعكر الصفو أحياناً.. مصر التي كتب عنها أحمد رامي ما لحنه رياض السنباطي من كلماتٍ خالدة غنتها كوكب الشرق السيدة أم كلثوم مصر التي في خاطري وفي فمي أحبها من كل روحي ودمي يا ليت كل مؤمن بعزها يحبها حبي لها بني الحمى والوطن من منكم يحبها مثلي أنا أحبها للموقف الجليل من شعبها وجيشها النبيل دعا إلى حق الحياة لكل من في أرضها وجال في النفس والفكر ما قاله الإمام أبو حامد الغزالي عن الطرب “من لم يهزه العود وأوتاره والربيع وأزهاره والروض وأطياره فهو مريض المزاج يحتاج إلى علاج” فقلت نعم.. هذه مصر التي ترفرف طيور هواها في قلوبنا طالما القلب ينبض! bilkhair@hotmail.com