لم يجد كريستوف فرانز رئيس شركة طيران”لوفتهانزا” الألمانية ما يبرر به تراجع أرباح الناقلات الجوية الأوروبية- بما فيها الشركة التي يرأسها- سوى مهاجمة دول الخليج وشركات الطيران الخليجية، وقال إن هذه الدول عبارة عن “رمال وخزنة أموال”، واستكثر عليها أن تقتحم مجال الطيران وتضع نفسها على خارطة صناعة السفر والسياحة.
والحقيقة أن نجاح شركات الطيران الخليجية وفي مقدمتها ناقلاتنا الوطنية أثار انزعاج أوساط واسعة في قطاع الطيران المدني وبالذات هناك في أوروبا. وقبله علق بمرارة نظيره الهولندي على إعلان وضع في مطار سيخبول بأمستردام عن حاجة “طيران الإمارات” لخمسمائة طيار بينما تفتك البطالة بطياري بلاده. وقبل هؤلاء كانت هناك مواجهة مع كندا حول حصة ناقلات الدولة من السوق الكندية.
ويتهم فرانز الناقلات الخليجية إجمالاً بأنها” جعلت أرضية الملعب غير متساوية بالنسبة للجميع، مما يتسبب بإحداث خلل في توازن حركة الطيران”، في إشارة منه لما تراه دعماً تتلقاه هذه الناقلات من بلدانها، ولكنه أدان نفسه بنفسه عندما تحدث عن الفرق في نظرة الدول الخليجية والبلدان الأوروبية بقوله” إن دول الخليج أدركت أن قطاع الطيران يلعب دور المحرك للتنمية الاقتصادية، بينما تراه الدول الأوروبية مجرد مصدر للضرائب والضجيج”، داعياً حكومات القارة العجوز لتغيير تفكيرها بهذا الشأن بصورة”دراماتيكية”، وطالباً”الدعم” منها، أي أنه يرضى للشركات الأوروبية “الدعم الحكومي” ويرفضه للشركات الخليجية.
إن نظرة مثل هذا المسؤول تعكس في الواقع عدم إدراك واستيعاب أمثاله للجهود التنموية التي تقوم بها العديد من بلدان المنطقة، وفي المقدمة منها الإمارات التي تولى اهتماماً خاصاً وكبيراً لتنويع مصادر الاقتصاد الوطني، واستطاعت بفضل نجاعة خططها وبرامجها خفض إسهام القطاع النفطي في الناتج المحلي.
وقد أتاح سوق السفر العربي الذي اختتم أعماله في دبي أوائل الشهر الجاري صورة عن قرب للنجاحات التي تحققت للدولة خصوصاً ودول التعاون الخليجي إجمالاً في قطاع السفر والسياحة، وهي التي استثمرت مبكراً في مشروعات البني التحية والمطارات والناقلات الجوية. ونجحت معه في إثارة مخاوف أمثاله من “انتقال مراكز النقل الجوي من أوروبا للخليج” من خلال”خطط الناقلات الخليجية في توجيه رحلاتها البعيدة المدى انطلاقاً من أوروبا إلى آسيا، وعبر مراكزها بدلاً من تسيير الرحلات مباشرة من مراكزنا” كما يقول رئيس الناقلة الألمانية الذي طالب حكومة بلاده بالتدخل حتى تتفوق على”طيران الإمارات” وغيرها.
إن ما عبر عنه مثل هذا المسؤول يكشف عن عقلية غريبة لا ترى في بلداننا ومجتمعاتنا سوى أنها أسواق استهلاكية لمنتجاتها، ومطاراتنا مجرد نقطة عبور لطائراتها، وازدهار السياحة بالنسبة لها يتمثل في اتجاه واحد فقط. أما أن يستقبل مطار خليجي كمطار دبي الدولي 51 مليون مسافر العام الماضي. ويزيح مطار هيثرو اللندني من المركز ثاني أكثر مطارات العالم ازدحاماً، ويستعد لرفع طاقته الاستيعابية إلى 90 مليون مسافر سنوياً، فذلك فوق إدراك أمثاله ممن لم يستوعبوا بعد ما يجري من تحولات تنموية شاملة على أرض الإمارات لأجل مستقبل أجيالها القادمة.


ali.alamodi@admedia.ae