يطل العام الجديد، وقد بزغ نجم جديد، وصرح جديد، من صروح التعليم العالي، في ميادين الشرف والفداء، بصدور مرسوم قائد مسيرة الخير صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بإنشاء كلية الدفاع الوطني، تتخذ من العاصمة أبوظبي مقراً لها، وتتبع القيادة العامة للقوات المسلحة، و«تختص بإعداد وتأهيل القيادات العسكرية والمدنية، ورفع قدراتهم على تحديد وتقييم تحديات الأمن الوطني والإقليمي والدولي، وفهم أسس ومتطلبات إدارة وتوظيف موارد الدولة، من أجل حماية المصالح الوطنية”، كما جاء في مرسوم القانون الاتحادي.
لقد جاء تأسيس كلية الدفاع الوطني امتداداً للتطور الكبير والتقدم المتسارع اللذين تشهدهما البلاد ومؤسساتها، وبالأخص القوات المسلحة التي كانت دوماً تمثل رؤى القيادة الحكيمة بأن تكون الحصن المنيع للوطن والسياج المتين لإنجازاته ومكتسباته، وفي الوقت ذاته عوناً وسنداً للشقيق والصديق أينما نادى الواجب. وقد تهيأت الفرص والأسباب اليوم لبزوغ النجم الجديد ليتصدر كوكبة من صروح العلوم العسكرية الرفيعة والمتطورة التي تزخر بها قواتنا المسلحة، والتي كانت على امتداد المسيرة المباركة خير رافد ومعين للكوادر العسكرية من أبناء الإمارات الذين كانت ولا تزال لهم بصماتهم الرفيعة في ميادين البذل والعطاء. كما شهدت بمستوياتهم المتقدمة التجارب التي خاضوها على مسارح العمليات، خليجياً وعربياً ودولياً، وحملوا معها رسالة إمارات المحبة والوفاء والتزامها تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
كما أن كلية الدفاع الوطني تعد إضافة نوعية مميزة إلى تلك الصروح الأكاديمية والعسكرية، وهي ترتقي بالتعليم العسكري بالتركيز على تنمية الفكر العسكري الاستراتيجي، بجمع عسكريين ومدنيين يتبادلون العلم والمعرفة والخبرة، وتتبلور معها استراتيجية الدفاع الشامل، وتأهيل وإعداد قيادات عليا معنية بالتخطيط الاستراتيجي على المستوى الوطني.
وتعد الكلية الجديدة من أرفع وأعلى مراكز الدراسات العسكرية والخاصة بقضايا الأمن الوطني الاستراتيجي، لما تُعنى به من توسيع آفاق الدارسين العسكريين والمدنيين- ممن سيحظون بشرف الالتحاق بها - وتعريفهم بحقائق التهديدات التي تواجه الأمن الوطني، وإعدادهم لمواجهتها.
وإلى جانب النقلة النوعية الكبيرة التي تمثلها كلية الدفاع الوطني في مسيرة القوات المسلحة في تأهيل الكوادر البشرية المؤهلة تأهيلاً عالياً، فإن الصرح الجديد، ومن خلال الدوائر والمؤسسات والمراكز الممثلة في المجلس الأعلى للكلية، يعد خطوة مهمة في تنسيق جهود مختلف القطاعات في الدولة بطريقة شاملة ومتكاملة للتخطيط الاستراتيجي للأمن الوطني والوقوف على مستوى المخاطر والتهديدات والتحديات المترتبة عليها، من خلال الفهم العلمي الصحيح لأبعاد ذلك الأمن. صون الأمن الوطني من التحديات المستمرة التي تعاملت معها الإمارات بعناية فائقة، ورؤى متفاعلة مع حجم تحديات الطبيعة الجيوسياسية لموقع الدولة، في إقليم تتقاطع فيه مصالح العالم، ويجاور بؤراً ملتهبة.
وكان الرهان دوماً على تأهيل الكوادر البشرية تأهيلاً علمياً رفيعاً، يمكنها من التعامل والتفاعل مع تلك التحديات. وإنشاء كلية الدفاع الوطني، خطوة متقدمة في هذا الاتجاه بتخريج كوادر من حملة الماجستير والدكتوراه في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، يعززون الدرع الحصين لوطن يتربع القلوب، ويستقر بين المهج والعيون، يفتدى بالروح وكل غالٍ ونفيس، وحسم أبناؤه كلمتهم: “كلنا الإمارات.. كلنا خليفة”.


ali.alamodi@admedia.ae