? لو عاد الموتى وصحوا فجأة، وفتحوا عيونهم على الجهات الأربع في خريطة وطننا العربي، وقرؤوا خطوط الطول والعرض، ونبشوا في الأقطار العربية قُطراً قُطراً.. ماذا سيجدون؟!:
? الصومال صار طرائق قددا، تحكمه القبائل والفصائل، وبحره الذي كان يصدر إلى العالم ذخيرة الأرض وخيراتها أصبح اليوم موطئاً للقراصنة وراكبي ظهور الأمواج، مسلحين بالفوضى.
? السودان، بعد أن كان سوداناً واحداً، حولته الأيديولوجية المأتمية إلى سودانين متناحرين، متنافسين على ثقب إبرة، وهو مرشح أن يصبح ثلاثاً وأربعاً والله أعلم. والسودان الذي قيل عنه في الكتب المدرسية إنه سلة غذاء العالم الثالث بعد كندا وأستراليا، أصبح يبحث عن قوت أبنائه فيما بعد فراغ الأراضي الشاسعة القاحلة.
? العراق، صاحب مقولة أمة عربية واحدة، ذات رسالة خالدة، يهيم وجهه الآن نحو رسالات أخرى، ومشارب ومثالب، والبوابة الشرقية مغلقة حتى إشعار آخر، والطوائف تغدر بالطوائف، والأحزاب تكسر عظام الأحزاب، والدولة تبنت تشريعات حمورابي، نسأل الله أن يمنّ عليها بفكرة تخرجها من سطوة القوانين المتضاربة.
? ليبيا، سليلة عمر المختار، تقع في وهدة الزعيم الجماهيري متوعلة بالنظرية العالمية الثالثة، وكتابها الأخضر تمزقه سنابك خيل جامحة، فيستحيل الواقع الليبي إلى قبائل تسطو على قبائل، وفصائل ترفض الانصياع لسلطة الحكم الوطني، وحروب طاحنة لإثبات الوجود وتأكيد الهويات.
? اليمن، تنهار سبأ، وتغادر بلقيس موطئ القدم، ويستعر الوطيس، والبلد السعيد تتناهشه أنياب ومخالب، ومناحل العسل في قمم الجبال الشم، تحشى بالبنادق المسلطة إلى الصدور، ولا أحد يستطيع أن يتنبأ بمصير اليمن بعد كل هذه المحن.
? مصر الحبيبة، أم الدنيا تعاني هذه الأيام غياب استتباب الأمن، ولا يحضر غير التصريحات الملونة بالأمنيات المزخرفة بالآمال، وميادين لم تكف بعد عن تحرير المخالفات ضد مجهول، ومصير مصر معلق.
? سوريا الشهباء، هذا البلد الذي لم يزل يعتصر وجداً، ويواجه أزمته تحت سطوة النيران والأحزان والفقدان، وعدد المشردين يتزايد، وعدد المهرجين يتضاعف، وعدد المزايدين يتكاثر كالجراد، والنظام “عمك أصمخ”، ويقول ما يهمك ريح.. يا جبل، والمتربصون والطامعون كثر. المهم أن لا أحد يفكر في مصلحة الشعب “الغلبان”.
? كل هذه المزق سوف يراها الأموات لو عادوا، وبالطبع سوف يتمنون الموت ولا يرون المهزلة، سيقولون تباً لحياة يصبح فيها الوطن الواحد أوطاناً، والأحزاب فقاعات، والديمقراطية حلم إبليس في الجنة.



marafea@emi.ae