شئنا أم أبينا، شاهدنا أم امتنعنا، تابعنا أم ابتعدنا، ستظل الدراما والمسلسلات العربية مرتبطة بشكل رئيسي بشهر رمضان. تلك هي الحقيقة التي يجب أن نواجهها، ولكن هناك حقيقة أخرى يجب ألا نتجاهلها، وهي أن الدراما العربية في شهر رمضان توجه ضربة قاضية للمسلسلات التركية، وتنحيها جانباً، وتجعلها في طي نسيان المشاهد العربي الذي أسرته الدراما التركية بقية شهور العام. الدول العربية تشكو دائماً من ضعف السياحة البينية العربية، دائما يقولون إن السائح العربي أو الخليجي لا يمثل نسبة كبيرة من صناعة السياحة العربية، كما أنه سائح موسمي، يأتي فقط في شهور الصيف، وإجازة نصف السنة الدراسية. ولكن حتى في موسم الصيف تغيرت بوصلة السائح العربي الخليجي إلى تركيا، والسبب المسلسلات التركية، والدراما التي أسرت السائح العربي بالمشاهد الساحرة، والنظافة والرقي في شكل ومظهر الممثلين. والسؤال الآن ونحن في الأسبوع الأول من شهر رمضان، هل استغلت أي دولة سياحية عربية الإقبال الكبير على مشاهدة ومتابعة المسلسلات العربية في شهر رمضان، وقدمت للسائح العربي مسلسلاً واحداً به مشاهد سياحية تجتذبه لزيارتها، وهل شاهدنا وجهة سياحية واحدة مبهرة تظهر في الدراما العربية في رمضان، لتتمكن من منافسة المشاهد التركية..؟ الإجابة طبعاً بالنفي، حتى المنازل التي يصورون بها المسلسلات هذا العام هي منازل “ديكورية” أي للتصوير فقط، منازل باهرة بالفعل ، ولكن ما إن ينتهي التصوير سيتم إزالتها، ولن يستطيع سائح واحد أن يطلب زيارة منزل ما، كما يحدث في الدراما التركية.. مسلسلات عدة هذا العام من المفترض أنها تحظى بنسب مشاهدة عالية، وتم تصويرها في وجهات سياحية عربية مهمة، مضى من حلقاتها أسبوع دون أن نرى مشهدا سياحيا جذابا وعموماً نحن في انتظار بقية الحلقات علها تخيب ظننا. إذا كانت الدول العربية السياحية تريد استعادة السائح العربي الذي فر منها نتيجة لعدة عوامل، صحيح أن الأحداث السياسية أثرت في المشهد السياحي، ولكن قبلها أيضاً كان السائح العربي قد أوشك على الاختفاء منها، نتيجة المنافسة الشديدة من وجهات سياحية أخرى، قدمت للسائح العربي مغريات كثيرة، واستطاعت أن تأخذ عقله وتفكيره. استعادة السائح المفقود عملية شاقة، وتحتاج دائماً إلى أفكار مبتكرة، والدراما عامل مهم جداً في الترويج السياحي، ويمكن لدول الدراما الرئيسية في العالم العربي مثل مصر وسوريا ولبنان والأردن أن تستفيد بشكل كبير من نسبة مشاهدة الدراما عربياً، وأن تقدم وجهاتها السياحية بشكل جديد. ولكن دعونا لا ننسى أيضاً أن الدراما والسياحة الخليجية تقع أيضاً في الخطأ نفسه ، ودائما ما نرى المشاهد يتم تصويرها داخل الأماكن المغلقة، ونحن أيضاً في الخليج لدينا مشاهد ووجهات سياحية خيالية لا تظهر في الدراما الخليجية.. فات أوان الكلام في دراما رمضان هذا العام.. عليهم التفكير للأعوام القادمة وعلينا التذكرة. وحياكم الله.. رئيس تحرير مجلة أسفار السياحية a_thahli@hotmail.com