كلما دخل شهر رمضان المبارك يجد كثير من الناس فرصة لإنقاص الوزن وإزالة ما تراكم من الشحوم والدهون منذ شهور، غير أنه عوضا عن ذلك وبعد أسبوع من الصيام نهارا والإفطار على الولائم ليلا، يكتشف البعض أن الوزن في ازدياد، فيضع خطة لممارسة الرياضة لحرق ما يتناوله منذ غروب الشمس إلى أن يتبين له الخيط الأبيض من الأسود من الفجر، فتفشل الخطة لأن الحر لا يطاق وجدول الأعمال مزدحم بالزيارات والولائم والعزومات والفعاليات. فيبحث عن خطة بديلة، ويتعهد أن يواصل الصوم في الليل والنهار، غير انه ومع أذان المغرب ينهار، فلا يستطيع مقاومة مغريات ما لذ وطاب من الطعام والشراب، فيجدها فرصة لتعويض ما فاته خلال يوم كامل صبرا بلا طعام، فيصرف النظر عن الرجيم وعن خطط التحكم بزيادة الوزن إلى نهاية رمضان. ينسى كثير من الناس أو يتجاهلون أهداف الصيام، فتجده منشغلا طوال المساء بإبعاد أشباح الجوع في النهار، فلا يترك شاردة ولا واردة من أنواع الطعام تفلت من أمامه، معتبرا ذلك جزءا من العبادة، فتجده يذهب متثاقلا إلى صلاة التراويح، فالله لا يكلف نفسا إلا وسعها..! في المسجد تجد كل شيء إلا الخشوع والقنوت، لأنه يتحول إلى ما يشبه ملعب للأطفال، يجرون ويلهون ويشوشون على المصلين، وتجد روائح بعض المصلين هداهم الله وأصلحهم بلا رقيب ولا حسيب، متناسين تعاليم السنة والدين، وكأن الإمام في سباق مع الزمن، وكأن المصلين مطاردين، يلهثون من اجل الخلاص من الصلاة، لا حول ولا قوة إلا بالله..! وبفضل الله، قدمت التكنولوجيا خير خدمة للقرآن، فتجد المصحف محملا على الهواتف الذكية التي لم يعد أحد لا يملك واحدا منها، رغم ذلك تجد قلة تستغل تلك الخاصية من أجل قراءة القرآن، لأن كثيرا من الناس مشغولون بتصفح القنوات الفضائية، ومن مسلسل إلى مسلسل، وكله غث ليس به ما ينفع الناس. في نهار رمضان تجد البعض مزاجهم متعكر، عصبي، ممتعض، روحه في أنفه، وكأن الشيطان جاثم بين عينيه، لو مرت النسمة على وجهه لقاتلها، فلم كل ذلك ونحن في شهر تسمو فيه الأرواح وتطيب فيه النفس وتتنقى من الشوائب وتترقق فيه القلوب وفيه نعود إلى الفطرة السليمة والأخلاق الحميدة.. وفي الختام ولأننا في شهر الخير والبركات، أسأل الله لكم حسنات تتكاثر وذنوب تتناثر وهموم تتطاير، وأن يجعل صمتكم ونومكم عبادة وخاتمتكم شهادة، ورزقكم في زيادة، وعملكم صالحا متقبلا بإذن الله.. bewaice@gmail.com