ترسخ لدي انطباع وقناعة بأن الكثيرين من المسؤولين عن التربية والتعليم لا يتوقفون كثيراً أمام أثر إجراءاتهم على النشء، وما يعنيه عدم احترام قواعد أو ضوابط يضعونها أو مواعيد يحددونها مما يترتب عليه ترسيخ عدم احترام الوقت والنظام لدى الطلاب.
مواقف متواصلة على مدار العام تحمل بين ثناياها هذه الدروس المجانية، من دون أن يتساءلوا عن جدوى إعداد متفوق لا يحمل أدنى تقدير لقيمة الوقت واحترام الضوابط والقواعد، وبالتالي القانون الذي تتفرع منه تلك الضوابط.
كما ترسخت لدي قناعة بأننا لو أخضعنا أحد خبراء مجلس أبوظبي للتعليم من” النيتف سبيكرز” لامتحان” آيلتس” فلن يجتازه من الوهلة الأولى إلا بضربة حظ، وهي قناعات لم تبنَ من فراغ، بل من واقع ملموس على ساحتنا التربوية والتعليمية. فبالأمس كانت تحديات وعقبات الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي من أبرز الموضوعات المثارة من خلال البرنامج الجماهيري” استديو1”.
أسبوعيا يخوض مئات الطلاب والطالبات امتحانات” آيلتس”، ومعظمهم لأكثر من مرة، والكثير منهم درس في مدارس خاصة، ومنهم من كان في مدارس ببريطانيا وأميركا، ومع هذا لا يحقق السواد الأعظم منهم من الوهلة الأولى درجة الرقم السحري المطلوب، وهي 5 فما فوق.
وذكر لي أحد أولياء الأمور بأنه أنفق أكثر من 25 ألف درهم على دورات”آيلتس” لأبنائه مع أنهم أنهوا الصف الثاني عشر بنجاح ومعدل مرتفع، وكانت المفاجأة بالنسبة له بأن الأقل معدلاً بينهم نجح، بينما ما زال البقية ينتظرون. وهذا الشرط وما يترتب عليه يخدم فقط الجهات المستفيدة التي تتقاضى رسما يقارب الألف درهم عن كل امتحان، ناهيك عن رسم الدورات التمهيدية لتلك الاختبارات.
أما يوم أمس، فقد كان طلاب”أبوظبي للتعليم” ممن يسعون لنيل منحة دراسية لإكمال تعليمهم العالي على صورة جديدة من صور تضارب يعانونه، فقد حُدد لهم الحضور عند الحادية عشرة صباحا لمدرسة “الدانة” بشارع النجدة لأداء امتحان”سيبا الرياضيات” بعد أن كان قد تم إبلاغهم بإلغاء هذا الامتحان عندما أدوا الامتحان نفسه للغة الإنجليزية” خلال الفصل الأخير من العام الدراسي المنصرم. وحتى قرابة الثانية من بعد الظهر لم يكونوا قد أدوا الامتحان المطلوب بحجة عدم وجود قاعات كافية لاستيعاب الطلاب والطالبات في وقت واحد، ما تسبب في ذلك التأخير والانتظار للأهالي خارج أسوار المدرسة وسط الطقس الحار والصيام.
والغريب في الأمر هذه النظرة الدونية لجامعاتنا من قبل المشرفين على المنح والابتعاث، فمن لا يجتاز هذه الاختبارات “حده جامعة الإمارات” أو أي جامعة محلية.
مشاهد واشتراطات تتطلب قبل أي شيء وقفة معالجة لمسائل تتصل برد الاعتبار والثقة للنظام التعليمي ومخرجاته، ورد الاعتبار للغتنا العربية رمز هويتنا الوطنية، وتعزيز ثقة هؤلاء الطلاب بأنفسهم في أمر يتعلق بتكوين شخصية رجال الغد قادة المستقبل، وهم يعانون اشتراطات تعيق مستقبلهم الأكاديمي وممارسات تترتب عليها نتائج سلبية تتعلق بانتهاج التخطيط الجيد في حياتهم العملية، وهم يشاهدون ويلمسون تضارب في أداء جهة رسمية يفترض أن تكون قدوة ونموذجاً في حسن التنظيم وسلاسة الترتيب. وكان الله في العون.


ali.alamodi@admedia.ae