( إن العالم يفسح الطريق للمرء الـذي يعرف إلى أين هو ذاهب)... رالف و.إمرسون كنت أتحدث مع صديق عن تربية الأبناء، عن مستقبلهم، وماذا ينتظرهم، قال لي لا تخف عليهم سيعيشون حياتهم بطريقتهم بكل انكساراتها وانتصاراتها، كل ما في الأمر أننا إحدى المحطات الرئيسية في حياتهم، ولكنْ هناك أيضاً محطات أخرى أمامهم، لا بد أن يقفوا بها وينطلقوا بعدها. فكرت ملياً في كلامه، وأيقنت أن هذه الحياة فعلاً غريبة، وأن كل الانكسارات التي تمر بنا هي بداية انتصارات تنتظرنا! وأن قيمة هذه الحياة في التحدي الذي تهدينا إياه. نحن من نختار طريقة حياتنا، وليس الغير، وكما قيل قديماً إننا عندما نتخذ قراراً يتأمر الكون كله لتنفيذه معنا. نعيش حياتنا الآن بكل أفراحها وقسوتها وأشكالها المتغيرة، وبجهد آبائنا وأمهاتنا معنا، ونعرف بعدها أن بعض المحطات في طريق الحياة تتسع لراكب واحد فقط، وهو أنت! وأبناؤنا مثلنا أيضاً سيسلكون الطريق نفسه، ويعبرون جسورهم لوحدهم، ربما سنكون هناك لنساعدهم أو نودعهم، لكننا لن نعبر معهم، القاعدة تقول أن يشقوا طريقهم لوحدهم، تنتظرهم حياة كاملة، نتمنى أن يعيشوها لآخر رمق، وستعطيهم مثلما أعطتنا بعض من أسرارها متأخراً، ومثلنا سيقدمونها هدية لأبنائهم، هكذا هي دورة الحياة، الأدوار لا تنتهي، كل وداع يحمل في طياته لقاء من نوع آخر. (لا تذهب إلى حيث يأخذك الطريق، بل اذهب إلى حيث لا يوجد طريق وأترك أثراً...) رالف و.إمرسون تعلمنا هذه الحياة بأن الطرق الملتوية والمتعرجة لها نهاية تماماً كالطرق المستوية، لا شيء يبقى للأبد ولن يبقى! وهذا التحدي الذي تجلبه لنا الحياة أحد أعظم أسرارها والمحرك الخفي لطاقاتنا، للإنسان قدرة غريبة وعجيبة على الانطلاق مجدداً والعبور للضفة الأخرى، هذه القوة الخفية تملكها أنت ويملكها غيرك، القدرة على تحريكها تصنع الفوارق بيننا. جميل أن تترك أثراً في أي طريق تسلكه، والأجمل أن تذهب إلى حيث لا يوجد طريق وتشقه بنفسك، وتترك أثرك، ستكون مختلفاً إذا أردت أن تكون مختلفاً، وهذه الحياة يا صاحبي تفتح أحضانها للمختلفين، وتمد يدها للمتميزين. ستجد بعض من هم حولك يقنعونك أن طريقك خاطئ، ويقدمون لك الأدلة تلو الأدلة لإثبات نظرياتهم، لكنك بشجاعتك أخترت وقررت، وعندما تكمل طريقك ستعرف كل الحقيقة. يقول رالف والد إيمرسون عن النجاح في الحياة «أن تضحك كثيراً وتفوز باحترام الأذكياء وحب الأطفال، وأن تحظى بتقدير النقاد، وتتحمل خيانة الأصدقاء، وأن تقدر الجمال، وترى الأفضل في الآخرين، وترغب في تحسين صورة العالم ولو قليلا سواء بتنشئة طفل صحيح أو زراعة حديقة صغيرة أو تصحح أوضاعا اجتماعية أو أن تعرف أن حياة فرد قد سارت سهلة بسبب وجودك” في هذه الحياة قد تستطيع أن تحصل على الكثير من الإنجازات، لكن أفضل إنجاز أن تكون أنت كما تريد لا كما يريدون. jamal.alshehhi@gmail.com