على الرغـم من أن الشعر والشعراء يعيشون عصراً ذهبياً في الإمارات، وهــناك عدد كبير من المبدعين الذيـن أنجبتهم هذه الأرض حتى لامسـت شـهرتهم الآفاق، أمثال شاعرنا المتألق دائماً علي الخوار، وأمير الشعراء كريم معتوق وشاعر المليون راشـد الرميثي، وغيرهم كثر. غير أنك تستغرب ألا يكون من بينهم واحد قادر على كتابة الأغنية الوطنية التي تلامس الروح وتصل إلى أعماق النفس، ولا أتحدث عن الأناشيد الوطنية الحماسية. فتلك ربما موجودة بدرجة ما وإن لم تعد كما كانت زمان، بل إن وجودها اقتصر على المناسبات الوطنية على الرغم من أن حبنا للوطن مسألة تجري مجرى الدم في العروق، ونعيش تفاصيلها في حياتنا اليومية.. لا أنكر أن هناك قصائد شعرية رائعة في حب الوطن، ولا أنكر أن بعض الفنانين حاولوا تقديم بضع أغان من النوعية الحماسية، غير أنها جاءت باردة لا تثير لا الحماس ولا الشجاعة ولا البطولة في نفس المتلقي، فكيف نصفها بأنها حماسية، وإن كان من صفات الأغاني الوطنية أنها يجب أن تكون على طريقة النشيد وعلى طريقة الحماسة، فنشيدنا الوطني ليس هناك أفضل منه، لأنه فعلاً يلامس تلك المنطقة في العقل وفي القلب.. ما أتحدث عنه، تلك الأغنية التي لا ترتبط بيوم معين أو بمناسبة معينة، الأغنية التي تحمل كثيراً من الرمزية المفعمة بالحب لهذا الوطن، الأغنية التي يمكن أن تنطبق على أي وطن وفي الوقت نفسه تحمل صفات وبصمات الإمارات، أغنية قد تكون شعبية يرددها الناس، كباراً وصغاراً، كل يوم. وقد تكون أغنية نخبوية يستمع إليها الجميع بغض النظر عن الجنسية أو الانتماء، أغنية تلامس القلب، أغنية بتلك المواصفات لا بد أن يغنيها فنان إماراتي، ومن الأفضل أن يكون حسين الجسمي.. هل يعقل ألا يتمكن أحد المبدعين من الخروج بأغنية تحمل تلك المواصفات، هل يعقل أن تكون المسألة مرتبطة بعدم وجود شغف إبداعي يتعلق بالمسألة الوطنية، أم أن لها علاقة بنسبة الحس الوطني لدى هؤلاء الشعراء. أو ربما لأنهم انساقوا وراء قصص الحب والعشق والغرام والتي لا أراها منفصلة عن قصة عشق الوطن وحب القيادة والرموز الوطنية، فمشاعر الحب هي نفسها في كل الأحوال، لأنها تنبع من مكان واحد وهو القلب، والمعشوق يجوز أن يكون أيضاً الوطن والأرض التي جميعنا نهيم حباً وعشقاً وغراماً بها، لأنها تمثل الأم والأب والحبيبة، وتمثل لنا الحياة في أفضل صورة. bewaice@gmail.com