هكذا هي مصر، المنفتحة على التاريخ، الممتدة في الجغرافيا، لا تقبل إقصاء ولا إلغاء، ولا احتواء، ولا انضواء، ولا اكتواء ولا افتراء ولا هراء، ولا تقبل تعدياً على مشاعر الإنسان. هكذا هي مصر العريقة، حديقة الفكر الإنساني، وبستانه الملوَّن بأزهار الحب والحُلُم والحلِم، والعلم، والنون والقلم. هكذا هي مصر جديرة بأن ترقى إلى مستوى الكلم، وإلى طموحات الإنسان المصري وما عَلِم. هكذا هي مصر، أسقطت فرعوناً بعصا العدالة، فانشق البحر ثم سجر، وما عبر إلا المخلصون الصادقون المحبون لرسالة السماء، القابضون على الضمير بالعروة الوثقى وبثقة المنتمين إلى الكون دون تحيز لجهة الاستلاب والاغتراب، والاقتضاب، والاكتئاب، والشوائب والخرائب، والعجائب من الأمور، وللويل والثبور. هكذا هي مصر مقبلة إلى عصر الأنوار وهذا ما نتمناه، بألا تشعر بها شائبة التعنت ولا خائبة التزمت، نتمنى أن تخرج مصر العزيزة من عنق الزجاجة إلى رحابة النيل، إلى سعة الأرض الخصبة، الثرية بشعبها، وقدراته الهائلة. هكذا نتمنى لمصر الحبيبة، أن تتجاوز محنة الوجه العبوس، إلى لوحة تشكيلية تعبر عن فسيفساء، هذا التراث المديد، الممتد عبر المدى بامتداد جغرافية مصر، وتضاريسها الثقافية والاجتماعية والدينية. أجل، نقول ارتفعت الغمة وجاءت النعمة، ولكن إذا كنتم في نعمة فداروها إن الله زوال النعم، الآن وبعد هذا الانتصار لرغبة الشعب نتمنى على الساسة، وقادة الرأي أن يستفيدوا من التجربة وألا يفرطوا في اللحظة الراهنة وألا يدعوا مياه النهر تنساب في الشعاب والهضاب، وأن يقبضوا بيد من حديد، على هذا المكتسب العظيم، من أجل مصر، ومستقبل مصر، من أجل الأجساد العارية التي استقبلت لظى الشمس الحارقة، متحدية الصعاب ناظرة منتظرة، اليوم الذي تصير فيه مصر، بلداً يحقق الأمنيات بلا مِنة، ويعيد للإنسان حقه الموؤود ويستعيد تاريخ مصر المهرب منذ عقود، نتمنى بقلوب مؤمنة أن تتآلف القلوب وأن تتكاتف المناكب لأجل غد يصنع إشراقة مصر، واستفاقة شعب، ويغدق على الأفئدة، من زلال النيل، وينظف شوارعها، من كل محتقن لئيم أثيم. شكراً للذين عملوا على إنقاذ مصر من الضرر، وأمنياتنا مرفوعة إلى السموات العلا، بأن يحفظ مصر وشعبها وأن يدرأ عنها، شر الحاقدين، وحقد الحاسدين، وأن يعيدها إمامة المثقفين، والعاشقين، والذاهبين، عند ضفاف الحلم الجميل. نتمنى أن تغسل مصر تاريخاً، وتفتح صفحات جديدة، لا يلوثها حبر المنافقين والحادبين في بحيرات الكذب والتسلق والتملق. حفظ الله مصر وشعبها الكريم. علي أبو الريش | Uae88999@gmail.com