يهل علينا الشهر الفضيل اليوم بكل ما فيه من روحانيات ورحمة وعبادة وتعلم وصبر وحر، ليفتح علينا باباً إلى السماء، لتمنحنا البركة والخير، فتصفد الشياطين، وتغلق أبواب الشر. يمنحنا الشهر الفضيل فرصاً للتغيير، ونيل الأجر والثواب، وفرصاً لتذكر الآخرين، والإحسان إلى الفقراء والمحتاجين، وما يبعثه كل ذلك من رقة في القلب وصفاء للنفس وسمو للروح، بل وانعكاس على الصحة والعقل والجسم، وتخفيف للوزن، واتباع نظام غذائي صحي، يطرد السموم، ويبعد الأمراض، وينقي الجسد من الآفات التي تأتي من الطعام والشراب غير الصحي وغير المتوازن الذي نكدسه في البطون طوال عام كامل. يفتح علينا هذا الشهر الفضيل الباب لاستعادة أطعمة تراثية محببة، الرطب والهريس، وما لذ وطاب من مطبخنا المحلي، والذي نكون منشغلين عنه طوال العام بالفاست فود والجنك فود و»الخرابيط» التي نزدريها حتى اعتلت الصحة. يسمو بنا الشهر الفضيل، فتتغير تصرفاتنا فنميل نحو الهدوء والسكينة والطيبة، ويبتعد الشيطان الجاثم بين العيون الذي يجعل الكثير منا عصبي المزاج طوال العام، ويبقي المدخنين في حالتهم المعتلة، نسأل الله لهم الفكة من تلك الآفة، ويبقي سائقي التاكسي على عجلتهم وعدم استكانتهم ورعونتهم، يسابقهم في ذلك بعض السائقين الشباب الذين يستخدمون الشوارع، ولديهم اعتقاد أنهم في حلبة ياس، فلا يهمهم لا إشارة حمراء ولا زرقاء، لأن عليهم إتمام السباق في أقل من دقيقة. يفتح الشهر الفضيل أبواب الرزق لعباده، لأنه شهر الخير والعطاء، فالكل يسابق من أجل الفوز بشيء، كل على حسب اهتمامه وفهمه، فتجد الناس تتسابق إلى المساجد، حرصاً على صلاة الجماعة، وتجدهم يتسابقون على العطاء، وعلى فعل الخير، وتجد المتسابقين إلى الشراء بشراهة من أجل ضمان الأمن الغذائي طوال الشهر الفضيل، وتجد المتسابقين إلى طرح العروض الخاصة وغير الخاصة، بزعم أنها أسعار رمضانية، ورمضان بريء منها إلى يوم الدين، وتجد من يتسابق على التسول، مستغلاً حب الناس لفعل الخير والتصدق. كل يركض ويتسابق، نسأل الله التسابق إلى رضاه، غير أن التسابق قد ينسينا أشياء كثيرة أو قد لا نجد الوقت لنتوقف عندها، فلا شيء أجمل من تناول الإفطار برفقة جميع أفراد العائلة، برفقة الأطفال الذي يجربون الصيام لأول مرة في حياتهم، برفقة كبار السن الذين يتحملون المشقة من أجل رضا الرب، لا شيء أجمل من أن نتذكر أولي الأرحام والجيران والأصدقاء، لنتواصل معهم، وننسى خلافاتنا الساذجة معهم، بل ولا شيء أفضل من أن تشارك إفطارك مع أولئك العمال الملهوفين على الماء البارد، وقت الإفطار. bewaice@gmail.com