اتفق القائمون على برامج عالم الترفيه في التلفاز والإذاعة على مصطلح «برامج الجودة»، على نوعية خاصة من البرامج التلفزيونية ذات المحتوى العائد بالفائدة العالية للمجتمعات المدنية لما تحتويه تلك البرامج من موضوعات تهتم بالقومية الوطنية ومعالجة مشاكل الأسر اليومية، كما أنها تزرع التفاؤل بمستقبل واعد لكل مجتهد في المجتمع، وهي طفرة نوعية من تلك البرامج بدأت تزدهر بعد الحرب العالمية الثانية والتي استمرت لعدة عقود إلي يومنا هذا. وعملت كل تلك القنوات في السابق تحت مظلة القنوات الحكومية العامة وبعد الكساد الاقتصادي العظيم الذي عصف باقتصادات العالم لدرجة وصول تبعاته لمنطقة الخليج في الثلاثينيات من القرن الماضي والذي خلف أثرا سلبياً على تجارة اللؤلؤ والتبادل التجاري بجميع أنواعه في المنطقة وجدنا الولايات المتحدة تواجه ذلك الانهيار والإحباط الوطني والمعنوي بسبب الركود الاقتصادي والحروب المتتالية بتحرك تلك القنوات العامة الممولة من خزينة الحكومة الاميركية بتوظيف عدد من الكتاب والمخرجين الموهوبين لتدارك الموقف بالعمل على بث برامج الجودة التي خففت من وطأة تبعات الآثار السلبية لتلك الحالة من التشاؤم . فكان بمثابة العصر الذهبي لتلك البرامج إلى أواخر الخمسينيات حتى بدأ بعدها العمل على برامج الدراما المعقدة على شكل سلسلة مختارات أسبوعية «مسلسلات»، تعج بالمواضيع الاجتماعية المعبرة عن الحالة الوطنية والإنسانية للمواطن الأميركي البسيط، ومن أشهر تلك البرامج Playhouse 90 ، Kraft Television Theater ، Studio One Goodyear Television Playhouse ، وجميعها أعمال وصلت لقلوب وعقول الأميركان وهي إبداعات عمل على كتابتها كل من «روب سيرلنج» Rod Serling و»بادي شوفسكي» Paddy Chayefsky، وتمكن المبدعان بطريقة ساخرة من معالجة عدد من القضايا الاجتماعية والوطنية بكل سلاسة وبعدها تسلمت القنوات الخاصة الراية حيث تحولت برامج الجودة إلي نهج معمول به في عدد من القنوات الخاصة. وتحول المشاهد والعائلة الأميركية إلي زبائن تسعى كل القنوات كمسوقين لإرضائهم بعدها تحولت الرعاية الحكومية لتلك القنوات إلي رقيب يعاقب التجاوز غير المسموح به لحماية المشاهد من المشاهد والألفاظ الخادشة لمشاعر المشاهدين بالرغم من خروج عدد من البرامج السطحية في السنوات الأخيرة، إلا أنها وبحسب رأي النقاد برامج تلفزيونية خيالية تواكب العصر وأعمال فنية تحتوي على رسائل تعالج الواقعية النفسية لأجيال عصرنا الحديث، وتتماشى بسردها الخيالي المعقد لعالمهم المعاصر الذي يختلف فيه معنى الولاء والقومية الوطنية. وكمهاجر للقنوات المحلية ومع حلول شهر رمضان الكريم وأنا أترقب بث أذان المغرب لأستمع بعده للأدعية لبضع دقائق، طالباً من الله أن يتقبل صيامنا وطاعتنا وعليّ أن أطفئ التلفاز قبل أن تعج علينا بعض القنوات بسيل من البرامج الدخيلة والمترجمة والتي لا يمكن وصفها إلا بالبرامج المسببة لحالة من الفزع والعقد لمجتمعاتنا الوفية. uae2005_2005@hotmail.com