اختيار مدروس للتوقيت قررت معه “بيئة أبوظبي” إطلاق حملتها بالتعاون مع”الهلال الأحمر” وشركة متخصصة للمطاعم من أجل الحد من هدر الأغذية والمأكولات الذي يجري في مجتمعنا، ويصل حدوداً غير معقولة ولا مقبولة خلال شهر رمضان المبارك الذي نحتفي باستقباله، ولكن بطريقة عجيبة غريبة بعيدة كل البعد عن القيم النبيلة والمعاني السامية للشهر الفضيل.
الحملة التي انطلقت تحت شعار” فكر.. كل.. وفر” تمتد لخمس سنوات مقبلة وتهدف إلى خفض هذا الهدر، وفي الوقت ذاته الاستفادة من فائض الأطعمة لتوزيع نحو 250 وجبة غذائية على المحتاجين من العمال والأسر، وتقديمها لهم من خلال سيارات نقل مخصصة لحفظ حرارة تلك الوجبات وتغليفها بطريقة صحية لائقة.
لقد كانت هذه واحدة من دعوات جادة ومخلصة أطلقتها العديد من الجهات لإعادة النظر في نمط معيشتنا الاستهلاكي، وما يترتب عليه ليس في صورة كميات فائضة تجد طريقها لصناديق النفايات، وإنما في الأمراض التي تتسبب فيها من سمنة وسكري وضغط وغيرها من أمراض العصر الحديث، ونتكبد جراءها الكثير من النفقات والميزانيات، ومن تقوده الظروف لزيارة مركز”أمبريال كوليدج”في العاصمة على سبيل المثال يلمس آثار تلك السلوكيات.
وخلال الأيام والساعات التي تسبق حلول شهر رمضان، تجد أمواجاً من البشر تغمر المحال والمجمعات التجارية بصورة غير مسبوقة تنقض على أرفف الجمعيات لتكدس ما تحتاج ومالا تحتاج في العربات أمامها لتختلق أزمة لا وجود لها من قبل. وتشهد الطرق المؤدية لتلك الأسواق ازدحاما غير مسبوق، وتشهد تقاطعات مدينة زايد والقلب التجاري للعاصمة تكدساً مرورياً واختناقات تتطلب النفاذ منها مهارات خاصة في القيادة ومعرفة الشوارع الخلفية لها.
نعود للحملة الجميلة التي أطلقتها هيئة “بيئة أبوظبي” والتي نتمنى لها النجاح والاستمرارية، فهي تعتمد أساساً على أعادة تنظيم وتغيير عادات غريبة ودخيلة وفدت علي المجتمع، خاصة وأنها تستهدف أحياء وتأكيد مكون أصيل من قيم التراحم والتواصل في مجتمع الإمارات، ناهيك عن الجوانب الصحية والبيئية للحملة التي اعتمدت ذلك الشعار المستوحى من اليوم العالمي للبيئة، والذي تم التأكيد خلاله على التحديات التي تواجه البشرية خلال العقود المقبلة جراء نقص الموارد، وبالأخص الغذاء في عالم يعاني فيه نحو 900 مليون إنسان من الجوع يومياً.
الحملة مجرد تذكير، وشهر رمضان فرصة لمراجعة الكثير منا لسلوكياته المتعلقة بضبط احتياجاته من المشتريات الغذائية وحجم المأكولات التي يعدها، ويستطيع بالتعاون مع الجهات المنفذة لها مساعدة آخرين هم في حاجة للغذاء. في الكثير من المجتمعات والدول في أوروبا إجراءات مشددة مع المنازل وأصحابها عند تجاوز النفايات وفائض الأغذية حدوداً معينة، بينما نحن ديننا الحنيف يحثنا على ذلك، ومع هذا لا يلتزم أغلبنا بهذه القواعد المهمة التي تتجلى فيها حفظ النعمة وشكر المنعم. واستمرارية الحملة لخمس سنوات مقبلة من شأنها الحفاظ على زخم الحملة على مدار العام، لتحقيق أهدافها السامية والجميلة، وهي التي خدمت أكثر من 175 ألف شخص العام الماضي، ونتمنى أن يرتفع أكثر وأكثر بصورة تجسد تفاعل كافة قطاعات المجتمع، وحرصه على المشاركة في إعلاء قيم أصيلة.


ali.alamodi@admedia.ae