تاريخ طويل وبعيد للمسرح المدرسي في الإمارات، مر بفترات صعود وهبوط بناء على المسؤولين الذين يأتون ويذهبون في قطاع الأنشطة التربوية، بعضهم جاء ووجد أن تاريخ الأنشطة الثقافية والفنية أعرق من وجوده وأكثر انتماءً إلى الميدان التربوي، بل إن بعض فترات العمل المسرحي كانت أكثر تألقاً من بعض الوزراء حتى، وذلك لاختلاف النظرة إلى الحياة والعمل التربوي المنفتح على الناس ونشاطهم وحياتهم الاجتماعية، بينما جاءت فترة لبعض المسؤولين وهم يعملون ويسعون أن تتحول التربية ونشاطها إلى قفل كل أبواب الفرح والنشاط التربوي وعلى الخصوص الموسيقى والفن، وبما أن المسرح مرتبط ارتباطاً وثيقاً بهاتين المادتين فإن إهماله ودفنه كان الخطوة الأولى لمثل أولئك المسؤولين. ثم جاء الآخر الذي لا يرى جدوى من النشاط عموماً وأنه مدعاة للهو والعبث والأهم هو التحصيل والجدية في العناية بالمعرفة وحدها! وفي ظل هذه العوامل التي جاءت إلى التربية والتعليم تأرجح المسرح المدرسي بين صعود وهبوط، وبين حياة وموت، خاصة أن بعض المدارس لا يوجد بها مسارح ولا حتى تدخل في المباني الجديدة، نظراً لأن المخطط والمبرمج لا يعنيه أمر المسرح ولا حتى النشاط الفني من موسيقى وتربية فنية. عندما وصلت إلى إدارة الأنشطة الثقافية والفنية، كان هناك العديد من الأخوة الفنانين والمسرحيين، كانوا يحبون المسرح كثيراً واشتغلوا عليه فترة طويلة، ولكن لا يجدون لعملهم التشجيع ولا الدعم المادي أو المعنوي. من هؤلاء الشباب الفنان جمال مطر والفنان أحمد أبو رحيمة ومحمد أحمد والفنان حميد سمبيج والدكتور عز الدين وفنانات وفنانون من مصر والعراق والسودان وسوريا، وفي منطقة رأس الخيمة والشرقية خالد البناي وخليفة التخلوفة. وكذلك على الجانب الفني والمسرحي أيضاً الفنان الدكتور محمد يوسف والدكتورة نجاة مكي وسلمى المري. كان العمل مع هؤلاء الفنانين المبدعين بصورة مختلفة، حيث عملنا معاً كفريق مسرحي وفني يشتغل بالفن والثقافة، ورفعنا عنهم تقليدية الحضور والانصراف والصرامة الإدارية، فإن حضر الواحد منهم للعمل فهو من أجل المسرح، وإن غاب عن الميدان والمدارس المنتشرة على اتساع أرض الإمارات فهو أيضاً من أجل عمله وفنه، ولقد تكونت مجموعة عاشقة لعملها وفنها ومسرحها، كانوا يقطعون الطرقات من المنطقة الشرقية وحتى الغربية بل حتى جزيرة دلما. إنه الحب الجميل الذي زرع في وسط هؤلاء الفنانين المبدعين واليوم وبعد المسافة الطويلة من العمل ما زال هؤلاء ينشطون هنا وهناك خلف المسرح ونشاطه، ولقد سعدت بالأمس من اتصال الفنان الأخ أحمد أبو رحيمة والفنان خالد البناي، وقبل ذلك الأخ الفنان خليفة التخلوفة، وهؤلاء من الفنانين المسرحيين الذين كوَّنوا ذلك الفريق المسرحي العامل في وزارة التربية وإدارة الأنشطة الثقافية، وعلى الطريق ما زال هؤلاء الشباب يسعون من أجل مسرح مدرسي جديد وكل في منطقته. وعندما يستمر اليوم مهرجان المسرح المدرسي في نشاطه وعروضه السنوية، فهذه بشارة بأن البذرة الأولى التي غرسناها معاً مع هؤلاء الشباب ما زالت تثمر وتعطي ثمارها الفنية، وبالتأكيد سوف تمد المسرح بعناصر شابة جديدة في المستقبل.. إنني بكل حب أشكر هؤلاء الشباب المسرحي الذي ظل وفياً وصادقاً في عشق المسرح، حيث البدء دائماً من الميدان. Ibrahim_Mubarak@hotmail.com