أفقدت مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من الخصوصية التي كان يتميز بها المشاهير والمسؤولون في حياتهم الخاصة، ورحلاتهم المختلفة، ومواقفهم اليومية، وانطباعاتهم المتنوعة، وبالتحديد «الانستغرام»، الذي يعتمد على تحديد المكان من خلال التقاط صور، والمشاركة بها في الموقع، بل وزاد بهم الحال، إلى تمكن البعض من معرفة تلك الشخصية، من خلال تحليل صورها، ومواقعها، ومواقفها، والكثير من تفاصيل الحياة اليومية، التي ترصد وتبث عبر ذلك الموقع .. فعلا خلقت تلك المواقع تواصلا اجتماعيا إلى حد كبير، ومن خلف الكواليس الإلكترونية، التي أذابت الحواجز والفواصل بين الكثيرين، حتى أنه أصبح بمقدور الأشخاص العاديين، الجرأة بالمبادرة وفتح مواضيع مع شخصيات بارزة، وكأنهم «ربع» وأصدقاء منذ أمد، حتى الذين لم يعرفوا بعض. ويصل الحال بك أحيانا، إلى أنه قد تجد بعض المشاركين في تلك المواقع في أماكن عامة وتتصرف معهم وكأنك تعرفهم، متبادلاً الابتسامات، إلا أن الرابط الوحيد بينهم المشاركة بـ «اللايكات».. أحد المسؤولين خلال إجازته، التي حرص على توثيقها بشكل كامل، من خلال التقاط صور للأماكن التي زارها، تفاجئ حينما قلت له «الحمدلله على السلامة سعادتك» ، مستنكرا على جميع من هاتفهم ذلك اليوم بإن قالوا له العبارة السابقة نفسها، بل أن البعض أخذ يصف له رحلاته وصولاته وجولاته في تلك البلاد التي كان فيها، المصيبة أن المسؤول لم يدرك أن الجميع يتابعونه جيدا عبر ذلك الموقع، ولم يعرف إلى الآن كيف وصلتهم علومه. لا شك أن لتلك المواقع إيجابيات عديدة، ولكن في الوقت ذاته تجعل من يشاركون فيه بإسهاب يفقدون جزءاً كبيراً من خصوصيتهم وحياتهم الخاصة، وبالذات أن كان بين يدي المراهقين والأطفال، فلا نستبعد أن يقوم ضعاف النفوس بمعرفة وضع تلك الأسر من خلال مشاركات صغارهم، وعلى سبيل المثال : قيام أحد الأطفال بالمشاركة بالصور جعلت البعض يعرف تماما من تحركات تلك الأسرة وتنقلاتهم.. لابد من الحيطة والحذر والانتباه ومعرفة كيفية التعامل مع تلك المواقع، ولو رصدنا حالات الانفصال والطلاق التي وقعت بسبب المشاركة بالصور في تلك المواقع، لعلمنا وقتها الخطورة التي قد يتعرض لها المجتمع من جراء سوء استخدام تلك المواقع.. أخيرا : من المضحك جدا أنك قد ترسم صورة جميلة عن إحدى الشخصيات التي تمر في حياتك، وتتفاجأ أن الصور التي يشارك بها في حسابه، تختلف تماما عن الصورة الذهنية التي ببالك، أو عن شخصيته الرزينة التي يتصف بها في المجتمع، وتجده يشارك بصورته وهو يرتدي حذاءه الجديد، أو تناوله وجبة، أو صورة لعضلاته، أو تسريحته الجديدة، وغيرها من المضحكات التي تكشف لك واقع تلك الشخصية.. halkaabi@alittihad.ae