هو قمرنا، حتى لو كان عمره يمتد إلى أكثر من 130 عاماً، فقد عاش زمناً طويلاً، خاصة منذ أن ودع حقبة الستينيات والسبعينيات، وهو يعاني، ولم يكن وحده الذي يعاني، لكن مانشستر معه كانت تعاني، وتتقلب بين الأحلام، حتى جاءها يوم توقفت خلاله الكف عن الحلم، فالنادي الذي أُسس عام 1880 باسم «سينت ماركس»، قبل أن يغير اسمه إلى روديك ثم مانشستر سيتي عام 1894، تخلف عن الركب، ولم يعد لديه سوى ذكريات من انتصاراته في الدوري والكأس وكأس الأبطال. نعم هو قمرنا، فسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة ومالك النادي، هو من أيقظ الحلم في الصدور، وسموه من أعاد النادي إلى الواجهة، باستثمار مدروس بدأ يؤتي ثماره، انتصارات وعودة إلى الساحة، ومنافسة حقيقية وشرسة على لقب الدوري الإنجليزي في عز عنفوانه، بعد سنوات طويلة كان النادي خلالها بين «المتفرجين». لم يكن الفوز الذي حققه «القمر السماوي» على مانشستر يونايتد أمس الأول بهدف نظيف للقائد كومباني، مجرد ثلاث نقاط و«السلام»، لكنه كان أثمن من ذلك بكثير.. كان تأكيداً على أن الخريطة الكروية تتغير، وكان دليلاً على أن الإرادة هي أثمن ما لدى «مان سيتي» الآن، وكان فرحة لأهل مانشستر، بحجم سنين الانتظار التي عاشوها على قارعة الأمل. منذ 23 عاماً، لم يشهد الدوري الإنجليزي صراعاً بهذا الشكل، ولا تلك القوة، وأحسب أن السبب مانشستر سيتي، ولا شيء غيره، فلم يضيء القمر سماء مانشستر وحدها وإنما معها أضاء «البريمير ليج» بأكمله، من خلال فريق قوي، بات رقماً مهماً في الكرة الإنجليزية. التقلبات التي واجهت مان سيتي هذا الموسم كانت كفيلة بأن تحبط لاعبيه، فمن القمة بفارق لا بأس به من النقاط، إلى البقاء خلف يونايتد وبفارق كبير من النقاط لصالح أبناء فيرجسون، ولكن مانشيني ولاعبيه لم ييأسوا ولم ينهاروا أمام جسر النقاط الثماني التي فصلتهم عن اليونايتد، بعد الخسارة أمام آرسنال صفر -1، واستعاد «القمر السماوي» روح الانتصارات من جديد، ومضى الخطوة تلو الأخرى، حتى كان أمس الأول، ليقول كلمته، وليؤكد علو كعبه على «الشياطين الحمر» ذهاباً وعودة، وهو ما يعني الكثير لجماهيره، بل إنه يعادل لديهم بطولة، بعد أن ألحق بهم أسوأ هزيمة لهم منذ انطلاق الدوري الممتاز عام 1992 في أولدترافورد بالدور الأول في مباراة الستة الشهيرة . اليوم، أعتقد أن المباراتين المقبلتين، تفوقان قيمة كل ما مضى، وهو ما يعلمه مانشيني وفيرجسون جيداً، وفارق الأهداف المريح جداً للسيتي لا يعني أنه أنهى السباق، فأمام الفريق موقعة من نار مع نيوكاسل يونايتد الذي ينافس في التأهل إلى دوري أبطال أوروبا، ويحل السيتي ضيفاً عليه بملعبه، قبل أن يختتم البطولة باللعب مع كوينز بارك رينجرز المهدد بالهبوط، وهي مهمة صعبة أيضاً، لا سيما إذا ما ظل أمل رينجرز بالبقاء معلقاً حتى تلك المباراة، فيما يلعب يونايتد مستريحاً، مع سوانسي سيتي ثم سندرلاند، والاثنان ضمنا إنهاء الموسم في وسط الجدول. كلمة أخيرة: الأحلام لا تتحقق بالدفاع وإنما بالهجوم على «الأماني» في عقر دارها. mohamed.albade@admedia.ae