جمعتني الأيام ومحاسن الصدف بنخبة من أبناء الوطن في دورة تدريبية جعلتني أجلس منتصبة وانتقي أدق الكلمات تعبيراً في مداخلاتي رغم أني حفزت في نفسي مدارك السمع لتغلب على مبادرات التكلم. وكلمة “نخبة” تعني تعدد مجالات عملهم وإبداعهم فيها، أقول ذلك وفي ذهني صور من الماضي حفظتها الذاكرة بلونين لا رمادي بينهما وحلمٌ قد تحقق فأصبحنا في مصاف الدول المتقدمة والمتنافسة على الصدارة. وفي أقرب فرصة لاحتساء فنجان من الشاي “الكشري” تقدم أحدهم إلى بسؤال: دكتورة، سامحيني بس أبغي اسألك، الكابتن طيار محمد بالخير شو أييلك؟ فقلت: مرحبا الساع، الله يسمح ذنبك ويفغر لوالديك ،الكابتن طيار محمد بالخير أخي الصغير. فانفرجت أسارير الرجل وقال وهو يمزج الارتياح بالاحترام: محمد ريال “تكانة” و كفو ويتميز بروح عالية وأخلاقيات لطيفة لم أر مثلها من قبل، باختصار “مايغث”. ما شاء الله وياحافظين عليه وانتي يا دكتورة ماعليك زود. فثارت دمعة في عيني تبحث لها عن مجرى فأجبته بخجل: الله يحفظك وييسر أمرك والله انته اللي ما عليك زود.. حي الرجال وحيك. فقلت في خاطري: لعل الرجل يدرك بأني أعمل على مشروعٍ آخر قد لاينتهي مع تلك الدمعة المحاربة فأسرعت قائلة: الله يغفر لوالدينا ووالديكم ويرحمهم وماذكرته عن محمد بالخير مثار فخر لنا فهم من أحسن التربية ونحن ياسيدي من قالبٍ واحد ولنا جميعاً قلب واحد اسمه الإمارات التي نعبر عنها ولا نمثلها فقد يكون في التمثيل بُعـدٍ عن الصفاء والحقيقة. فرد الموقر قائلاً: أتطلع أن أعمل معك في أحد التمارين القادمة. فقلت في خاطري: الإمارات بخير مادام في أبناء شعبها حد شرات هذا الريال مب عشان مدحني ومدح الكابتن ولكن لما وجدت في قلبه من حب وصدق للإمارات وشعبها. ومر يومان لم أشعر فيهما إلا بمزيد من الاحترام للعقول الشابة التي تتطلع لخدمة الوطن وقيادته الرشيدة. ??? وفي كلمة الوداع سُنِحَت لي ثلاثين ثانية للتعبير عن كل ما في قلبي فقلت بتأن، لدي ثلاثة محاور الأول هو أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال “إنّ الله يحبّ إذا عمل أحدكم عملاً أن يُتقنه” فلنعمل بروح الفريق وبقيم سامية وأخلاقيات مهنية وأذكر صوفيا لورين، الممثلة الإيطالية، عندما سُئِلتْ عن سر نجاحها قالت: أنتبه للتفاصيل وأدخل في جوف الشخصية لقراءة المحتوى فأتقمصها بفهمٍ وتمعن وهذا يعني لو كنت ممن يكنسون الشوارع في روما لكان الشارع الذي كلفت بتنظيفه من أنظف الشوارع على الإطلاق. والمحور الثاني هو أن الحائز على المركز الثاني يُـعَدُ الأول ترتيباً ما بين الخاسرين وبذلك علينا أن نختار أي مركز أول نختار؟ والمحور الثالث ضعوا أنفسكم في كرة تدور تتقلب أقطابها فيكون أعلاها سافلها ويمينها شمالها وهكذا ولكن بدونها لا يسجل هدف يحسم الموقف أو يعزز من الفوز في المباريات.. فإن كنا كالكرة علينا أن نكون الموظف الشامل الذي يفهم قضايا فريق عمله ويستطيع القيام بها في غيابه”. للعارفين أقول، الإمارات خط أحمر يبدأ من عروق القلب وشرايينه ويمتد متوازياً مع حدود العمر ودورة الحياة. bilkhair@hotmail.com