اقال حكيم: توقَّ من الرجال من إن أنعمت عليه كفرك، وإن أنعم عليك من عليك، وإن حدثته كذبك، وإن حدثك كذبك، وإن ائتمنته خانك، وإن ائتمنك اتهمك. وقال أبو العيناء يصف صديقاً: لم أر في الناس وفياً بعد واحد كان أصفى لي مودته، وبذل لي مهجته، كان أطوع لي من كفي، وكنت أذل له من نعله، أتكلم بكلامه فينطق بلساني، إن قلت خيراً أعانني، وإن ملت إلى سيئ ردعني، كان والله إذا قال فعل، وإذا حدث صدق، وإذا أؤتمن لم يخن، ضاحك السن، مسفر الوجه، كان إذا غاب فكأنه شاهدي، وإذا غبت عنه فكأنه يراني، لا ينطق لسانه بخلاف ما يضمر جنانه، لا يدري أينا أسر بصاحبه، ولا أينا أصدق مودة بخليطه، آنس ما كنا إذا اجتمعنا، وأوحش ما كنا إذا افترقنا، ما تفرقنا طول صحبتنا إلا يوماً حسبناه حولاً، أغبط ما كنا إذ رمى الهر فلم يشق إذ رمى من كل روحه روحي، ونفسه أعز علي من نفسي، فليته أصابني وأخطأه، وإذا لم يخطئه أصابني معه، فيكون موتنا معاً كما كان عيشنا معاً، مات فمات الوفاء بعده، خاب الرجاء فما ألذ بعده طعاماً، ولا أسيغ شراباً ، غماً له، واكتئاباً عليه، وشوقاً إليه، فلو كنت أقول الشعر لرثيته آخر الدهر، ولأتعبت بالقوافي الكاتبين، فبليت بعده بمن إذا أحببته أبغضني، وإن وددته عاداني، وإن أقبلت نحوه ولى عني، فهو كالذئب والغراب، ما للذئب يناله الغراب، وما للغراب فالذئب لا يطمع فيه، حسبك به غادراً، تراه عن الوفاء مبطئاً، وإلى الخيانة مهملجاً. قال عبد الملك بن مروان لرجل: ما بقي من لديك؟ قال: جليس يقصر مع طول الليل مع العلة، ودابة أشتهي معها طول السفر. وأنشد لأعرابي: من أين ألقى صاحباً مثل عمر يزداد طيباً كلما طال السفر محمد بن عبد الملك الزيات: أقول إذا ما بدا طالعاً وقد كاد أو هم أو قد ولج من الناس من ليس حتى المما ت منه و من أذاه فرج ولو كنت تأمنه ليلة إلى الصبح لم يرض أو يدلج ولو كان ذا من أحب العباد إليـ ـك لكان بغيضاً سمج فكيف إذا كان ممن يكاد صـ درك من بغضه ينفرج بشار بن برد: أخوك الذي لا ينقض الدهر عهدهُ ولا عندَ صرفِ الدهرِ يزوَرُّ جانبُه فخذ من أخيك العفو واغفر ذنوبه ولا تك في كل الأمور تجانبه Esmaiel.Hasan@admedia.ae