ميثاق اللغة العربية الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ضمن حزمة مبادرات هو الوفاق مع الهوية والاتفاق مع الضمير، لأن تكون اللغة الأم الأساس والمتراس في تعزيز الوجدان الوطني، وترسيخ الجملة العربية بفعلها وفاعلها ومبتدئها وخبرها وتجذير محسناتها البديعة في القلوب، وتأكيد مفعولها المطلق في جميع مفاصل الحياة بدءاً من المدرسة التي تعاني التهشيم في بنيان اللغة العربية، وانتهاءً بالمؤسسات الرسمية والثقافية التي حادت كثيراً عن حرف الضاد لتغرق في أوحال وأدغال وأهوال حتى بدت اللغة العربية غريبة اللسان والوجدان، وصار الأبناء يتحدثون بلغات شائهة وبلا ملامح ولا معالم ولا سمات ولا صفات ولا حسنات.
ميثاق اللغة العربية جرس الإنذار لأهل الدار ولكل من تهمه أسرار اللغة العربية وأخبارها بأن يخرجوا من شرنقة التيه ويعيدوا أوتار الخيمة العربية لمكانها الصحيح حتى لا تخيم على رؤوسنا ألوان وأشجان ضبابية أو تعصف بألسنتها رياح شمالية غربية مغبرة ملونة بألوان الاكفهرار والاندحار.
ميثاق اللغة العربية سباحة جريئة وصادقة في بحر لغات متوحشة، جامدة، غائبة المشاعر، لأنها لم تنبت من تراب الأرض، ولا تعبر عن مشاعر الناس ومعجم أحاسيسهم وقاموس قيمهم الإنسانية العالية.. وبالميثاق وبرؤية رجل ولدت قصيدة اللغة بين يديه وترعرعت حتى بدت قلادة ترصع صفحات الديوان الشعري العربي، نستطيع أن نقول إنها البداية الحقيقية لاستيلاء طاقة خلاقة تحتضن وتزن قافية اللغة، وتعمر بيتها، وتؤثث مجلسها، بمنطق يحترم مقامها وقوامها، ويقدر ما لها من دور ريادي في صناعة الحضارة، وتأسيس الصرح الثقافي العظيم لأمة شمخت يوم اعتزت بلغتها.. الميثاق إعلان وفاء للغة العربية، تصريح يسطر عن وعي ثاقب باتجاه ما يمكن تحقيقه للوطن من خلال إعلاء شأن اللغة وتمكينها من ممارسة دورها التاريخي في صناعة جيل يحفظ الود ما بينه ومحيطه الاجتماعي.
ميثاق اللغة العربية هو الاندماج الكلي في سياق الطفرة الحضارية التي وصلت إلى البلاد تحت لواء قيادتنا الرشيدة والأبناء المخلصين العاشقين لهذا الوطن المتفانين من أجل رفعته وقوته ورخائه وتطوره.
الميثاق خلاصة القدرة الفائقة في صياغة واقع نقي من شوائب الاغتراب والاستلاب والبدء في زخرفة الوجدان الإنساني بأجمل ما تختزنه لغتنا الجميلة من المعاني والدلالات.


marafea@emi.ae