لن نقارن كثيرا بين وضع المرأة الإماراتية في الإمارات والمرأة في بقية بلدان العالم، المقارنة تظلم أصحابها، لأن السياقات مختلفة والظروف متباينة والتجارب لم تحدث على قدم المساواة زمنيا وظرفيا، فحين كانت المصرية درية شفيق تدخل البرلمان كواحدة من رواد حركة تحرير المرأة في مصر في النصف الأول من القرن العشرين، وإليها ينسب الفضل في حصول المرأة المصرية على حق الانتخاب والترشح في دستور مصر العام 1956، وحين كانت نالت درجة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون العام 1940حول “المرأة في الإسلام”، كانت المرأة في الإمارات تناضل ضد الفقر وشظف العيش وكل الظروف القاسية في بيئة شديدة الصعوبة، وبالتأكيد فهي لم تدخل أي مدرسة بعد، والسؤال أين أصبحت المرأة الإماراتية اليوم؟
نعترف بأن أية مقارنة بين تاريخ إنجازات المرأة في أي مكان وتاريخ بداية الإنجاز الذي حققته المرأة الإماراتية مجحف في حق الإماراتية، لكن النظر إلى المنظر في المحصلة النهائية ليس ظالما أبدا وليس مجحفا، فبكل المقاييس عبرت المرأة تجربتها التنموية باستحقاق لتصل إلى ما لم تصل إليه أية امرأة خاضت التجربة بنفس العدد من السنوات، المرأة الإماراتية لم ينقض على تجربتها أكثر من أربعين عاما هي كل العمر السياسي الحديث لدولة الإمارات.
مع ذلك، فالإنجازات بقدر ما تقاس بكميتها، فإنها تقاس بنوعيتها أيضا، ونوعية المجالات التي تصدت لها المرأة أكثر من أن تعد وأكبر من أن تصدق، لقد راهن المؤسس الأول المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عليها، باعتبارها حجر الزاوية ورافعة كسر الحواجز، ونجح رهان زايد وكسبت المرأة الرهان لها وعليها، فعندما فتح لها بوابات التعليم مشرعة على كل المراحل وكل التخصصات وكل الجهات، كان يعلم ببصيرة رواد التغيير أنها ستتكفل بالباقي، وستقود ريادتها فيما بعد بقوة وهذا ما كان.
اليوم حين نتابع فتاة إماراتية لازالت في عقدها الثالث، تبدأ نهار عملها في الثالثة فجرا لتقود فريق عمل كبير بجدية وصرامة، ولتقود مشروع تنموي حضاري هو الأول في الخليج نعني به مترو دبي ، فإننا نقف إزاء تجربة إماراتية رائدة وتجربة امرأة إماراتية رائدة لا تقل عن تلك التي ناضلت الاستعمار الانجليزي في مصر وسافرت لتنال الدكتوراه من السربون في أربعينيات القرن الماضي، النضال ضد الاستعمار وضد الجهل وضد التغييب والتهميش والتمييز تقود للنتيجة نفسها ولذات الطريق.
المرأة الإماراتية في المصنع، في الإعلام، في أمن المطارات، في طب الطيران، في مراكز ذوي الاحتياجات الخاصة، في مؤسسات وبرامج التطوع المجتمعي، في المدرسة، في الجامعة، في البرلمان، في الوزارة ، في الجيش والشرطة والمختبرات الجنائية .. ولا أستطيع أن أكمل فهي في كل مكان، وحتى لا يقول لي شخص بأن ذلك تم على حساب أولويات، نقول بأن حرص المرأة الإماراتية على أسرتها وبيتها يجعلها تفعل المستحيل لتحافظ وتوازن وهي ذكية بما يكفي لتحقق المعادلة الصعبة التي فشلت فيها كثير من نساء العالم.
لا ندعي الكمال، ففي التجربة أخطاء، وفي التجربة نواقص، وحين نكتب وندعو فإنما لنسد هذه النواقص، كقوانين حماية الأسرة، قوانين وإجازات الأمومة، قوانين التفرغ، ثقافة التفاهمات الزوجية، رفع سقف المكافآت والعلاوات للمرأة الأم، ... وغير ذلك من قوانين الأحوال الشخصية.
المرأة الإماراتية تستحق التحية وأكثر.


ayya-222@hotmail.com