كما أن في القرن الثامن عشر، قاد فلاسفة أوروبا عصر الأنوار، وتحدوا بحماس وجدية عصور ما قبل العقل، ففي القرن الحادي والعشرين، تقود الإمارات بأدواتها الذاتية، عصراً جديداً، متجاوزاً الجغرافيا ذاهبة في عمق التاريخ المستقبلي، مستفيدة من معطيات العقل المنفتح وقدرات الأرض الطبيعية، لتقف وقوف العمالقة في وجه العاصفة الكونية.. مؤسسة بذلك نظرية إنسانية عالية الدقة واللباقة محاذية لفكرة اينشتاين في مقولته الشهيرة: «الحياة كركوب الدراجة، لكي تحافظ على اتزانك، فلابد أن تستمر في الحركة»، وهكذا فإن الحركة في الإمارات معطوفة على الخلق والإبداع في مجال السياسة والاقتصاد والثقافة، ما يؤكد صواب المسيرة المظفرة، وأحقية هذه الدولة بأن تتبوأ المكانة المرموقة اللائقة بسياستها الحكيمة، وموقعها الريادي في مختلف المجالات. الإمارات في عصر أنوارها البهيج تقف فلكاً تدور حوله، كواكب إنسانية، تقترب منه بشفافية وحب، وما العلاقة الوطيدة بين الإمارات والتطور إلا نتيجة لهذا الوعي، بأهمية الحب أولاً، ثم العلم ثم العلاقة مع الآخر الممزوجة بسكر الوعي والانفتاح، ثم انعطافاً على التاريخ والإرث الإنساني الذي نشأ عليه جيل من الآباء والأجداد، وقيمه السامية في نفوس الأبناء. هكذا إذن، تدنو فلسفة القيادة من طموح الناس، ليذهب الجميع سوياً باتجاه معرفة واسعة بالعالم والكون، والعلاقات الدولية وأحلام الصغار وطموحات الرجال، وسعي المرأة لأن تكون الضفة الأخرى من نهر المجتمع، تغذي أعشابه بالخضرة ونمو السنابل، وازدهار الأزهار، وتسامق الأشجار. الإمارات، وهي تخطو خطوات الفكر العقلاني في مجالات مختلفة تضع نفسها في دائرة الضوء والدهشة، تقف عند ناصية التأمل الذاتي، بدقة الحدقة وخفة الرمش ولباقة التبعد، فيما يبقى الحلم راسخاً شامخاً متلألئاً بقدرات الذين يضعون الحلم، عجلة تحرك معطيات الواقع، ويضعون الواقع مركباً يحمل أدوات الحلم، لغايات الظفر والتفرد والتميز والانحياز دوماً لسعادة الإنسان ورفاهيته وانتمائه إلى التفاؤل، تأكيداً أن الحياة بدأت بخطوة على الأرض، ونظرة إلى السماء، وما بين الخطوة والنظرة عقل يتفاعل، ويفعل ويصوغ جملته الفعلية، بانشراحة ومن دون انغلاق أو انقباض، أو تعلق بوهم وهروب من الحقيقة.. الإمارات في عصر نورها، تدر نياقها فتحتلبها بأناة وتؤدة، ووعي خالص لا تشوبه شائبة. علي أبو الريش | ae88999@gmail.com