يوم أمس، كان الزحام على أشده في مكاتب شركتي «اتصالات ، دو» لخدمة العملاء، وكذلك خلال اليومين الماضيين اللذين شهدا تدفقاً لحشود من البشر الذين استيقظوا فجأة على وقع انتهاء مهلة «رقمي هويتي» اليوم، والتي كانت قد أطلقتها هيئة تنظيم الاتصالات منذ نحو عامين بالتعاون مع الشركتين، وذلك لتأكيد بيانات مالك خط الهاتف النقال.
الهيئة كانت قد مددت المهلة التي أنتهت في أكتوبر من العام الماضي، لمدة ثلاثة أشهر إضافية تنتهي اليوم الخميس السابع عشر من يناير2013، قبل قطع الخدمة على مراحل عن المتخلفين عن التسجيل.
إن تلك الطوابير والحشود البشرية التي تدفقت على مراكز الشركتين خلال الأيام القليلة الماضية تكشف علة اللحظة الأخيرة التي يعاني منها كثيرون، وتكشف نظرة هذه الفئات للقوانين المنظمة. ويقف هؤلاء وراء كل أزمة تعقب تقاعسهم في الالتزام بالمواعيد المحددة، ومما يزيد من تفاقم الظاهرة تراخي بعض الجهات، ومنحها المهلة تلو الأخرى. فبينما هي تمدد المهلة رغبة في التسهيل على الناس ليتمكنوا من توفيق أوضاعهم خلال تلك الفترة المحددة. نجد البعض يقرأ تلك الإشارة بطريقة خاطئة، ويعتبرها تراجعا عن القرار. ولعل أقرب مثال أمامنا مهلة تطبيق المواصفات والاشتراطات الجديدة للبقالات في أبوظبي. فبعد مرور عامين منذ أطلاق المهلة، وجدنا الغالبية العظمى من تلك البقالات لم توفق أوضاعها. واختلقت الأزمة التي شهدتها مناطق العاصمة عندما أقدمت تلقائيا على إغلاق أبوابها في إحراج للسلطات المختصة.
في حوض سكني واحد يقع قبالة مقر الصحيفة رصدت إقدام 26 بقالة على الإغلاق. شخصيا لا تفسير لدي في الخطوة سوى أن أصحابها يريدون إجهاض القرار.
اللجنة العليا المختصة بتجارة التجزئة، والتي تشارك في عضويتها العديد من الجهات الحكومية المحلية، وأمام الأصوات العالية التي ارتفعت متضررة من الإغلاق الجماعي، أطلقت إشارة خاطئة أخرى، بغض الطرف عن المحال لإعادة فتح أبوابها ومواصلة تنفيذ العمل لمواكبة الاشتراطات المطلوبة. وقد تلقف أصحاب البقالات المخالفة هذه اللفتة بمزاعم عن إلغاء القرار برمته.
واتصلت بالجهات المختصة التي نفت وجود آية نية للتراجع عن القرار، لأن هدفه سام يتعلق باسم أبوظبي والمستوى والمظهر الحضاري الرفيع الذي يجب أن تكون عليه الخدمات المقدمة لسكانها.
إن علاج علة اللحظة الأخيرة لدى تلك الشرائح من البشر يكون بالالتزام بتطبيق القانون، وفي المواعيد المقررة، لأنه يتعلق بصورة الدولة وتنفيذ أنظمتها وقوانينها وفرض احترامها. خاصة ونحن نقترب من انتهاء مهل مهمة، تتعلق بتراخيص سيارات الأجرة القديمة التي تنتهي في 31 من الشهر الجاري، وهناك مهلة مغادرة المخالفين لقانون دخول وإقامة الأجانب في الرابع من فبراير المقبل. لأن البعض وللأسف يقرأ كل مهلة بطريقته، معتقداً أنها وضعت لأجل العودة عنها. ما زاد من انتشار ثقافة تجاهل مثل هذه المهل، إن غالبية المقيمين وفدوا من بيئات تنفيذ القانون فيها ارتبط بالتأجيل والمماطلة والتسويف، بل في بعض تلك البيئات- وبالذات الآسيوية منها- لا وجود للقانون لانتشار مظاهر الفساد وتلقي الرشى. فالحرص على القانون هو حماية له وتطبيق هيبته وتحقيق الغاية من تنفيذه.



ali.alamodi@admedia.ae