في هذه الفترة كثر تحويل بعض الأفلام والأعمال التلفزيونية إلى اللغة العربية ومن ثقافات مختلفة، وقد تكون ناجحة في أوقات مثيرة، ولكنها تكون في غاية الضحك والتعجب من اختلافات بين بعض الشعوب والأفراد الممثلين الذين يقومون بالأدوار والدبلجة من ممثل غير عربي، خاصة بين بعض الشخصيات الهندية مثلاً والخليجية وطبيعة كل من هؤلاء في الحياة الاجتماعية والثقافية، هذا الصحراوي الذي يميل إلى التعجرف في بعض القضايا الأسرية والاجتماعية والثقافية انطلاقاً من إرث مجتمعي وديني وتراكمات كبيرة من الأعراف، وذلك الهندي الذي يختلف في الطباع والمفهوم لبعض القضايا التي قد لا تكون ذات حساسية في مجتمعه، خاصة في شؤون الأسرة والحياة اليومية والعادات، خاصة بالقارة الهندية، وما أثرت فيه من وجود أجناس مختلفة وأديان مختلفة وعادات قد تكون فارقة كبيرة بين رجل من الصحراء وآخر غربي. هذا الفارق يدعو إلى الضحك عندما يهز الممثل الهندي رأسه باستسلام أمام قوة الأم الهندية أو السلطة الاجتماعية لبعض المواقف الحياتية، بينما لدى العربي في نفس الموقف ردّات فعل مختلفة. قد تنجح هذه الأعمال لو أن الاختيارات وطريقة الدبلجة كانت مراعية لهذه الفروق ويتم تأدية الدور بما يحقق للمشاهد شيء من الإقناع بأن العمل يسير وفق سياق التمثيل. وهذه الملاحظة لا تشاهد عند ترجمة أو دبلجة الأعمال التركية مثلاً، وذلك للتطابق الكبير بين شكل وحرفية العمل عند الممثل الشامي الذي لا يمكن أن تفرق بينه والممثل السوري، سواء في الشكل أو الهيئة، أو طريقة التصرف في أمور الحياة، صحيح أن الفارق بسيط وصغير بين المجتمع التركي والعربي في بلاد الشام، ولكن حسن الاختيار وتأدية الأدوار بصورة متقنة تجعلك لا تفرق بين إن كان العمل تركياً أو عربياً، سواء سير النص أوالأمكنة التي تدور فيها الأحداث. وقد يكون النجاح أيضاً محققاً في الترجمة لبعض الأعمال الأجنبية الأخرى، عندما تحول إلى اللغة العربية الفصحى، وذلك لتلافي بعض الاختلافات في الأدوار والمواقف التي يقدمها العمل الدرامي أو الأفلام الأجنبية. بالتأكيد هذا التبادل الثقافي والاطلاع على الأعمال الأخرى والتجارب الفنية المختلفة بها الكثير من الفائدة المعرفية، ولكن يظل الوصول إلى المتلقي وإقناعه بالعمل وأهميته وجماله والقضايا التي يطرحها هي الأهم، أن الخروج من الهدف التجاري والربحي يحقق الكثير من التقدم في المجال التقني والمعرفي ليس عند المشتغلين في الفنون والأعمال التلفزيونية، ولكن مثل هذه الأعمال الجميلة تزيد من ثقافة ومعرفة المتلقي بالتجارب الفنية عند الشعوب الأخرى، وبذلك تعم الفائدة على الجميع وينهض العمل الفني ويتطور إلى مستويات رفيعة. بالتأكيد أن الفن السينمائي والاشتغال على السيناريو وإدارة الكاميرا والاخراج وقوة التمثيل في الهند قد وصل إلى مستويات عالية وكبيرة، وحقق الكثير من التطور الذي يفوق كل الأعمال الفنية في آسيا وقطع مسافة بعيدة عن العمل الفني في الوطن العربي، ولكن عند أخذ تلك الأعمال وتحويلها إلى اللهجة الخليجية، لابد أن نراعي الفروقات في الشأن الاجتماعي والثقافي بين الإنسان الهندي ومجتمعه والعربي ومجتمعه، ولابد أن يكون دور الممثل مترجماً حقيقياً للعمل الفني دون إظهار وبروز الشخصية العربية الخليجية وتحويل الحدث وكأن العمل ينتهي إلى المجتمع العربي. هناك خصوصية واضحة في الشخصية الهندية تختلف كثيراً عن الشخصية العربية، سواء في ردة الفعل عند المواقف الاجتماعية والحياتية، بالتأكيد مغايرة عن ردة فعل العربي، ولكن عندما تضيع هذه البوصلة يصبح العمل الفني مضحكاً تماماً، كما نشاهده فيما يعرضه التلفزيون الآن. Ibrahim_Mubarak@hotmail.com