تكمن مشكلة السائح العربي بشكل عام في أنه سائح يعتمد على تجارب الآخرين في اختيار وجهته السياحية، وليس هذا فقط، ولكن المشكلة الثانية أنه سائح غير متنوع، وغير مبدع وتقليدي في اختيار تلك الوجهات السياحية..! لا نطلق هنا حكماً بالتعميم، فهناك أجيال جديدة ظهرت لديها أفكار وتوجهات مختلفة، ولكننا نتكلم بشكل عام. أولاً، تجد السائح العربي يختار وجهة بعينها، أو لنقل مدينة بعينها، يتوجه إليها في رحلاته السياحية، والسبب أنه سمع هذا أو ذاك، وهو يحكي عنها وعن مميزاتها، ثم يأخذ المعلومات الدقيقة منه، مثل اسم الفندق، أو الشقة، ورقم الهاتف الذي حجز منه، وربما شركة الطيران نفسها التي سافر عليها..!! ثانياً، إذا شعر بالراحة واستمتع بالرحلة، تجده يكررها في العام الثاني والثالث، وما بينهما من رحلات، في الفندق نفسه، أو الشقة والوجهة وشركة الطيران نفسيهما، وكأنه سائح يحترم "العِشرة" ! وفوراً تنتشر الفكرة والمعلومات منه إلى الآخرين، وتجدنا نذهب إلى المدينة والمكان نفسيهما، والنتيجة بالطبع هي غلاء الأسعار وممارسة الاحتكار ضد السائح، ثم تتحول المعاملة إلى تعال على السائح، ثم معاملة فظة..! وكأنهم يحتكرون العالم، ويقدمون لنا مالا يقدمه أحد غيرهم..! السائح العربي بحاجة إلى مزيد من الخيال، ومزيد من البحث والمغامرة والتعرف إلى العالم، في حاجة إلى أن يقوم بتنظيم رحلاته السياحية، وأن يحدد وجهاته السياحية لعدة سنوات قادمة، هناك أماكن في العالم تستحق أن يراها ويستمتع بها، وهناك أماكن في العالم تتمنى أن يتوجه إليها السائح العربي والخليجي، ومستعدة لأن توفر له العديد من المميزات والحسومات، والتأشيرات وغيرها من المزايا. ما الفائدة من الذهاب إلى المكان نفسه لسنوات عدة متتالية، فنجد من يستغلنا، ويفرض علينا الرسوم المرتفعة، وإجراءات التأشيرات السخيفة والتعامل الجاف، وكأنهم يملكون مفاتيح الجنة..! جرب ولو مرة واحدة أن تغير وتجدد وجهتك السياحية، وأن تتوجه إلى مكان جديد، ابحث بنفسك، وقم بتجميع المعلومات، لم يعد الأمر صعباً مثلما كان في الماضي، كل المعلومات متوافرة وباللغة العربية عن العديد من الوجهات السياحية، التي تتمنى أن يتوجه إليها السائح الخليجي. هناك مصطلح جديد في عالم السياحة يطلق عليه "المسافر الذكي"، وهذا المسافر الذكي لا يسافر إلى المكان نفسه مرتين، هنا أو هناك ينفق أمواله، فلماذا لا يستفيد ويرى أماكن جديدة في هذا العالم..؟ لماذا يحرم نفسه، ولا يرى أجمل ما في هذا الكون، لماذا يذهب لمن يتعالون عليه ويرفعون عليه الأسعار ويصعبون عليه الإجراءات..؟ علينا أن نتخلص من الطرق التقليدية، وأن نفتح عقولنا إلى عالم أرحب وأوسع، يمكنه أن يلبي متطلباتنا السياحية وبميزانيات أقل، بعيداً عن تلك الأسواق التقليدية.. وحياكم الله.. رئيس تحرير مجلة أسفار السياحية a_thahli@hotmail.com