الشجرة نبت الأرض أم الناس؟ فهي الظل وهي الخل الوفي والصاحب المحتفى بمشاعر الناس، وحياتهم.. أحبها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيَّب الله ثراه”، فأسقاها من مكرمات الأخلاق، وماء الأحداق، فنمت وترعرعت وتفرّعت، وأعطت، وظلّلت وجللت المكان بالخضرة الوارفة، وزهرة عازفة لحن الخلود. ولأن زايد الخير أحب الإمارات وطناً وشجناً، أيقن أن للغصون فنون الهفهفة على أرض تستحق الحماية والرعاية والعناية وبسط راحة الصدق والإخلاص، لأرض في ثراها عرق الأولين، وفي أديمها مشت خيول وركاب الأمنيات، وعلى رملها كتب عشاق الأرض، ملاحم وجودهم، .. ولذلك أراد المغفور له زايد الخير أن يجعل من هذا البلد ديواناً شعرياً يزخر بالجملة الشعرية النابضة، والقافية الناهضة، والوزن على مقاس بحر الرمل. واليوم تبدو العاصمة أبوظبي، حسناء ترفل بالأخضر، وتصحو على هديل الحمام، وتغريد البلابل، وعزف وجودي حي على أنغام الطير المحلق في فضاءات اتسعت لأنفاس الناس جميعاً، وها نحن اليوم نجني ثمار من بذل النفس والنفيس، لأجل أن يفتح الجيل الجديد عيونه على أخضر يلون الحياة بألوان الأمل وجمال المُقل ولأجل أن تصير أسطورة الإمارات مثالاً يقف عنده الآخرون مستفيدين من التجربة الفذّة، التي صنعت على رمل الصحراء القاحلة فعل المستحيل، ولتؤكد أن الإرادة، هي التربة الخصبة التي على طينها تنمو البذرة، لتصبح شجرة، ثم ثمرة، ثم وعيا إنسانيا بأهمية العزيمة والإصرار، والصدق مع الذات، والثقة بالنفس. هذه هي شيم زايد الخير، وهذه هي قيمه، التي يجب على الجيل الجديد أن يستوعب دروسها، وأن يعي دورها في صناعة المستقبل وتشييد الأوطان.. هذه هي لغة الناس الذين يفعلون ما يقولونه، ويقولون ما ينطق به الضمير، ويلهج به العقل، هذه هي العبرة التي وضعها زايد الخير، من أجل وطن يستحق أن يوضع بين الرمش والعين، وأن يكون في قلب كل إنسان يعيش على أرضه، لأنه غير الأوطان، وأنه وطن زايد الإنسان، وطن المحبين وعشاق التراب، رغم أنف كل متحايل أو مخاتل، أو مماطل، شاخ ضميره في متاهات الباطل، أو من غررت به الأكاذيب فصار عبداً يراوغ ويبالغ بلا تهذيب. ولتبقى الإمارات شجرة طيبة، جذرها في الأرض وفرعها في السماء، سامقاً باسقاً متناسقاً، مترافقاً مع الكواكب والنجوم، مترفِّعاً عن كل أهواء وأدواء وشعواء وغوغاء. رحم الله زايد، وستبقى شجرة الإمارات على أيدي الخلف الصالح، باقية راقية، متساقية من جهد وجد، ووجد، وكد.. ستبقى الشجرة والوطن، نبعاً يروي ويرتع بجمال وأخلاق المخلصين، والراشفين من عِذاب المحبة. علي أبو الريش | marafea@emi.ae