كتاب ?"?فنجان قهوة"، يختلف مذاقه عن أي قهوة، قد ترتشفها في أي صباح، هي قهوة تحاكي ذاكرة الوطن، وتختزن الكثير من ذكريات أبنائه، وتفوح برائحة الأمس الجميل. نسج الكاتب الصحفي المبدع عبدالله عبدالرحمن، سلسلة تتكون من ثلاثة أجزاء، تحكي لنا عن "الإمارات في ذاكرة أبنائها"، والتي كانت تنشر في جريدة "الاتحاد" في ثمانينيات القرن الماضي تحت عنوان "فنجان قهوة". سعيت جاهدة خلال السنتين الماضيتين، أن أجمع هذه السلسلة الثلاثية، والتي استندت عليها في رسالة الماجستير بعد مقابلة مع الاستاذ عبدالله عبدالرحمن، ولكن لم أوفق. وإعادة طباعة هذه السلسلة من قبل هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، تفتح أمام الكثير من الجيل الجديد من الباحثين، آفاقاً أكبر لتعرف على حياة أبناء الإمارات في الماضي. ترصد هذه السلسلة، التاريخ الشفهي للعديد من الرعيل الأول في مجالات كثيرة، علماً بأن توثيق التاريخ الشفهي لذاكرة الوطن، أمر بالغ الأهمية، لأن هناك حقائق كثيرة كانت تتداول في الماضي دون تدوين لها. اتخذ الاستاذ عبد الله هدفاً جميلاً من خلال عمله في الصحافة، ومقابلته للعديد من الرعيل الأول، برصد حكاياتهم وتجاربهم ونشرها بلغة سهلة وسلسلة تخاطب جميع الفئات العمرية وتفيد الكثير من الباحثين. وقد استفدت كثيراً من هذه السلسلة في رصد تاريخ الخبر الشفهي وتطوره خلال بحثي، كما أن السلسلة تحتوي على العديد من القصص والحكايات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية الغنية بالمعلومات، والتي من شأنها أن تساهم في ثراء أي محتوى معرفي. "فنجان قهوة" يقرأ لنا الماضي بكل ملامحه، ويشرح لنا كيف كانت حياة الأمس، وكأنه شريط من الذكريات يعبر البحار ورمال الصحراء ليرسم لنا تاريخاً جميلاً لهذه الأرض، من خلال شفتي أحد أبنائها. والمميز في هذه الموسوعة، أنها ترسم الصورة كاملة لقصص الأمس، ولا تكتفي بتقديم جانب واحد، فمن خلال تناول الكاتب للحياة الاقتصادية، فإنك لا تجد الجمود في التناول ولكنه أيضا يرصد الحالة الإنسانية والثقافية، ولن تستغرب أبداً ورود أبيات من الشعر، وأحياناً كثيرة نصوص كاملة. الشفاه تحكي الكثير الكثير، ولكن الجميل في مهنة الصحافة أنها توثق هذه الأحرف ، فلا تكون مجرد معلومات طائرة في الهواء، والأجمل هو ذلك الصحفي الذي يتخذ له هدفاً ويجيد الاستفادة من هذه المهنة لخدمة وطن وتاريخ. شكراً للاستاذ عبدالله عبدالرحمن، وشكراً لكل مبدع مسؤول كتب في التاريخ والجغرافيا والاقتصاد والثقافة، وغيرها من المجالات، شكراً لمن كتب للوطن ولأبنائه. أمينة عوض | ameena.awadh@admedia.ae