لا شك في أن بعض الأفراد يمتلكون من المقومات الشخصية والمهارات الوظيفية ما يؤهلهم لقيام بعدة أعمال في آنٍ واحد، ولكن بغض النظر عن تلك المقومات، هل سيكون عطاؤهم في تلك الوظائف التي يجمعون بها بالقدر نفسه تماماً؟ بالطبع لا.. حيث إن بعض المسؤولين تجده في أكثر من موقع وأكثر من منصب، حيث تجده يعمل مديراً لشركة معينة ومسؤولاً في جهة أخرى وعضو مجلس إدارة في مكان آخر لا علاقة له بمجاله، هذا إن لم يكن هناك نشاطات خاصة و«بزنس» خاص، اللهم لا حسد، والمهم أن يشغل تلك المناصب المتعددة، حتى وإن كان الإنجاز ضئيلاً والأعمال المطلوبة منه «ضايعة في الطوشة»، وتجده يتمسك حتى اللحظة الأخيرة بتلك الوظائف حتى مع شعوره بالتقصير، فالمهم صورته أمام الناس لا تتأثر، أما صورة الجهات التي يديرها فليست مهمة... والمشكلة أنه حتى وإن لم يجد في نفسه الكفاءة حينما تسند له مهام ومناصب جديدة، لا يعتذر أو يتعذر ويترك المجال لغيره ومن هو أجدر منه في ذلك المجال، لأن تلك الفئة لا تهتم سوى بمصالحها. صحيح أن هناك بعض المسؤوليات التي تتوزع مهامُها بين جهات المختلفة والتي يفضل أن تكون موصولة بمدير واحد، ولكن تلك الظاهرة قد تكون غير صحية بالنسبة لمستوى المنجز من الأعمال، بالإضافة إلى نوعية تلك الإنجازات، فلو تأملنا في قطاعاتنا العامة منها والخاصة وبالأخص التي يديرها شخص واحد وبمستوى الإنتاجية في تلك المواقع، لوجدنا فيها خللاً وقصوراً في كثير من ما هو مطلوب منها. وبالمختصر المفيد، يبدأ يوم العمل كل يوم في السابعة صباحاً، وذلك لصغار الموظفين أما كبارهم فهم في حل، ولكن حتى نكون منصفين معظمهم لا يتأخرون عن التاسعة إلا بقليل، ويمتد يوم العمل حتى الخامسة مساء في كثير من القطاعات مع وجود فاصل للغداء في تمام الواحدة ظهراً، قليل منهم لا يلتزم بتلك الاستراحة، وبعدها يرجعون لبيوتهم ليأخذوا قسطاً من الراحة وفي المساء إما اجتماعات أخرى أو قضاء أوقاتهم مع عائلاتهم، فكيف يستطيع بعضهم أن يقوم بالاطلاع والإشراف على مهامه الأخرى؟.. وجاء في الآية 4 من سورة الأحزاب: «مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ»، وذلك دليل قاطع على أن الإنسان بقدراته الطبيعية لا يستطيع أن يرّكز بعملين في الوقت نفسه أو أن يقوم بمهام متعددة في الوقت نفسه، فلا شك في أنه سيكون هناك تفضيل واحدة على الأخرى، وكما هو موجود في تعدد الزوجات، فحتى وإن كان الرجل يحب زوجاته الأربع إلا أن قلبه يميل إلى واحدة على حساب الأخرى، فذلك الذي لا يلام فيه. وإن صح التشبيه بالمثال السابق، فلا أحد سيكون منصفاً بين الجهات التي يديرها أو يعمل فيها إذا تعددت مهامه في أماكن مختلفة، حتى وإن كان «سوبرمان» بحد ذاته فذلك أيضاً شخصية من ضرب الخيال، ولا يستطيع أن يكون خارقاً، ولكن بلا شك يستطيع أن يكون بارعاً ومبدعاً إن أعطى عمله جل اهتمامه ووقته. halkaabi@alittihad.ae