كنت أتوقع أن تشكل وزارة التربية والتعليم ومجلس أبوظبي للتعليم لجنة لرصد النتائج التي تمخضت عنها امتحانات طلاب الصف الثاني عشر للفصل الأول من العام الدراسي الحالي، والذي بدأ فصله الثاني الأحد الماضي، وجرى توزيع النتائج خلال اليومين الماضيين. بعض المتابعين للميدان، وبالأخص أولياء أمور استاؤوا من تلك النتائج الجيدة في شعبة العلمي، وتدني درجات الأدبي. بعض هؤلاء ربط وعلى طريقة محللي الفضائيات العربية والخبراء الذين يطلون من خلالها بين تحذيرات سابقة لمسؤولين في الوزارة من اتجاه شريحة واسعة من الطلاب للقسم الأدبي، مقابل أعداد قليلة منهم تتجه للدراسة في القسم العلمي. والتداعيات السلبية لمثل هذه التوجهات على المحصلة النهائية ليس على الصعيد الشخصي للطالب وأسرته، وإنما على المجتمع والدولة، التي تجد نفسها في وفرة من الدارسين في قطاع لا يخدم توجهاتها لبناء اقتصاد المعرفة. واعتبر هؤلاء أن النتائج بحاجة للمراجعة للوقوف على أسبابها، واستدراك الأمر منذ البداية، بحيث يتم توجيه الطالب التوجيه السليم والصحيح، لا تركه وحيداً أمام خيار مصيري، يدفع ثمنه بعد ذلك باهظا. في الكثير من المناطق التعليمية تم رصد نسب نجاح عالية في القسم العلمي، وإحراز طلاب لمعدلات تتراوح ما بين 85-95? من الدرجات في المواد العلمية، بينما تراجعت نسب النجاح في “الأدبي”، وكان أكثر المواد التي رصد فيها تدن للدرجات هي اللغة العربية والإنجليزية والتربية الإسلامية. في أبوظبي أرجع طلاب ما جرى من تدن في التحصيل وإحراز الدرجات في مادة اللغة الانجليزية للنمط الجديد الذي اعتمده مجلس أبوظبي للتعليم في قصر تدريس المادة على مدرسي “النيتف سبيكر”، وهؤلاء لهم أسلوبهم في التدريس وطريقتهم في اعتماد الدرجات، والتي يبدو أن الطلاب لم يعتادوا عليها. الجهة الوحيدة التي قررت تشكيل لجنة لدراسة الأمر هي “تعليمية عجمان”، والتي نتمنى أن تضع ما ستخلص إليه أرضية، للانطلاق نحو أسباب ما جرى، والذي خالف حتى توقعات مدرسي المواد التي شهدت نسب نجاح متدنية في القسم الأدبي. ومن قبيل الصدف أن أصداء إعلان نتائج الفصل الدراسي الأول، تزامنت مع انعقاد المؤتمر الدولي السادس حول التميز التربوي والذي تستضيفه الوزارة في دبي ويناقش تطوير منظومة التربية والتعليم والتعلم من خلال حل المشكلات والقضايا التي تواجه الساحة والتطبيقات الخاصة بها. وما نريده من الوزارة ومجلس أبوظبي للتعليم، التفاعل مع هذه الملاحظات والأصداء، بطريقة تتم معها معالجة التجربة وتقييمها لتحقيق الغايات المرسومة للعملية التربوية والتعليمية. فالأمر يتطلب وقفة علمية تفسر كيف ترتفع النسب هنا وتتراجع هناك، ولا علاقة لهم بميول ورغبات. وقبل أيام كنت أتحدث مع مسؤول في قسم القبول والتسجيل بإحدى الجامعات العالمية، وتطرق لمسألة توجهات الطلاب منفردين من دون توجيه نحو تخصصات معينة على حساب أخرى يحتاجها المجتمع. كل ذلك بسبب طرق التدريس والنظم التعليمية المتبعة، وهي نتائج تجارب واستشارات بيوت خبرة عالمية. ومع هذا تكون النتائج بالصورة التي نراها أمامنا من عشوائية في الاختيار!. علي العمودي | ali.alamodi@admedia.ae