منذ زيارة أحمد نجاد المشؤومة إلى جزيرة أبوموسى المحتلة، والملاحظ أن الطرف الإيراني يصر على مواصلة حملة استفزازه للإمارات والدول العربية في موقف غير مستغرب من دولة اعتادت على استخدام أسلوب الاستفزاز والعويل والنحيب في تعاملها مع الأطراف الأخرى. لكن الجديد في هذه الأزمة الحرص الإيراني الواضح على التصعيد ورفع مستوى الاستفزاز وترسيخ مبدأ الكراهية لكل العرب وليس للإمارات فحسب، وهو أقل ما يمكن أن يقال عن كلمة نجاد في أبوموسى والتي كانت تتغنى بتمجيد الدولة الفارسية وتتحدى الطرف العربي وتحاول التقليل منه. لا ندري ماذا ستجني إيران من وراء استخدام أسلوب التصعيد والاستفزاز في تعاملها مع قضية الجزر، وآخرها ما نشرته صحيفة «طهران نيوز» قبل أيام من أن الحكومة الإيرانية وافقت على تحويل الجزيرة إلى منتجع سياحي لجذب السياح الأجانب. هل تعتقد أنها بهذه التصرفات سترسخ من نفسها كدولة مهيمنة على المنطقة وستسبح بقية الدول في فلكها؟ أم أنها ستنجح في فرض سياسة الأمر الواقع وتغلق ملف الجزر بتحويلها إلى جزر سياحية لن يزورها أحد؟ عندما تستمع إلى الخطاب الإيراني في قضية الجزر المحتلة تشعر بان هناك انفصاما في شخصية المتحدث، الإيرانيون يقولون شيئا ويفعلون نقيضه، يطالبون بالتهدئة ونبذ الخلافات ويفعلون العكس على أرض الواقع، يطالبون بحسن الجوار واحترام العلاقات، وفي الوقت نفسه يحرصون على رفع درجة التوتر، يطالبون الأطراف الأخرى بالتصرف بحكمة كما قال وزير خارجيتهم صالحي، بينما هم يتصرفون برعونة وتهور. يدعون أنهم أصحاب حق كما قال نجاد خلال زيارته إن كل الوثائق التاريخية تؤكد أن «الجزيرة إيرانية»، وفي الوقت ذاته يتهربون بشتى الوسائل من الذهاب إلى جلسات التحكيم، ويرفضون الاحتكام إلى القانون الدولي وإحالة الموضوع إلى محكمة العدل الدولية، شأنهم في ذلك شأن أي محتل في التاريخ يعرف في قرارة نفسه أنه لا يملك أي حق، لذلك يحاول التشويش على الحقيقة باختلاق المشاكل وافتعال الأزمات. مهما كانت أهداف إيران الحقيقة من وراء هذا التصعيد، فإن عليها أن تعي أن أسلوبها المستفز لن يحرك شعرة من موقف الإمارات الصلب في قضية الجزر لأنه موقف مبني على الحق وعلى الشرعية، ولا يتأثر بمحاولات الاستفزاز والابتزاز التي يمارسها الطرف الثاني، كما أن العويل الإيراني مهما علا وارتفع فإنه لن يغير من السياسة العقلانية التي تتعامل بها الإمارات مع ملف الجزر المحتلة. إذا كانت الإمارات تدرك جيدا بأن إيران كانت ومازالت دولة جارة، وهذا الجار حتى لو كان مزعجا فإنه لا يوجد خيار غير التعامل معه بحكمة، فإنه على إيران أن تدرك شاءت أم أبت أنها لن تجني شيئا من أسلوب النحيب والعويل الذي تمارسه، وهذه الجزر طال الزمن أم قصر لن تكون لها. سيف الشامسي | salshamsi@admedia.ae