تعقد في العاصمة اللبنانية بيروت اليوم وغداً، اجتماعات مجلس إدارة وعمومية المؤسسة العربية للاتصالات الفضائية، المعروفة اختصاراً باسم “عربسات”. هذه الاجتماعات تعد اليوم مهمة، ليس لأنها تتزامن مع احتفالات المؤسسة باكتمال مشروعها “الطموح من أقمار الجيل الرابع والخامس وشغل جميع مواقعها المدارية الحصرية”، وإنما بسبب الاحتجاجات والتهديد بانسحاب بعض الدول الخليجية منها بسبب الموقف “الباهت” للمؤسسة من مناشدات هذه الدول، وفي مقدمتها البحرين التي تقدمت بطلب رسمي منذ أكثر من عام لأجل “وقف بث عدد من القنوات الفضائية المثيرة للفتنة الطائفية، والمحرضة على الكراهية والعنف والإرهاب، والمفترية على الأنظمة الحاكمة في دول الخليج”.
وعندما لم تتحرك إدارة المؤسسة وتتفاعل مع الطلب البحريني، أعلنت المنامة رسميا أنها تدرس الانسحاب من “عرب سات”، بعد أن أخطرت إدارتها بأن هناك 40 محطة فضائية مدعومة من دولة ثانية- وتبث عبرها - تهدد أمن البحرين وبقية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. ولا تزال تلك الفضائيات تنفث سمومها وخطاب الكراهية والطائفية البغيضة.
كما كانت الإمارات مؤخرا هدفا لتلك الفضائيات التي تحولت لمنابر للتحريض على قرارات سيادية للدولة، وأمورها الداخلية، خاصة الإجراءات التي اتخذتها بحق أولئك المرتبطين بالأجندات الخارجية و”إخوان الشياطين” والمشككين بحق الإمارات الواضح والجلي في جزرها الثلاث التي تحتلها إيران أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، وموقفها الحازم من الاستفزاز الكبير الذي مثلته زيارة الرئيس الإيراني لجزيرة ابوموسى مؤخرا.
إن المؤسسة التي تملك فيها دول الخليج العربية 60 % منها - مدعوة لاتخاذ موقف حازم من فضائيات التحريض وإثارة الفتن وتأجيج خطاب الكراهية والطائفية التي تخالف الأعراف المهنية والمواثيق الإعلامية والدولية، ومنها ميثاق الشرف العربي، ووثيقة تنظيم البث والاستقبال الإذاعي والتلفزيوني في المنطقة العربية التي أقرها وزراء الإعلام العرب. وهناك فرق بين حرية التعبير وإثارة الفتن والتحريض واستهداف أمن واستقرار مكونات المجتمع.
ففي الولايات المتحدة التي يضرب بها المثل في مناخات حرية التعبير تدخلت السلطات لوقف بث محطات تلفزيونية تثير الكراهية وتحرض على العنف وكذلك فعلت فرنسا وبريطانيا وغيرهما من الدول الغربية، فلا أحد يقبل أن تستهدف بلاده ومجتمعه من جانب فئات منحرفة، تلون الحقائق بحسب أهوائها ومصالحها، ثم تحاول إقناعنا بأن ما تقوم به يندرج تحت حرية التعبير. ونحن نعتز أن الإمارات سجلت نموذجا مشرفا لرعاية حرية التعبير من خلال عشرات القنوات الفضائية التي تعمل وتبث من داخل الدولة بكل حرية، ولا سقف لحدود عملها سوى عدم التحريض وإثارة الكراهية والنزعات الطائفية والمذهبية.
إن أكثر ما يؤلم المرء أن تلك القنوات التي تستهدف مكونات مجتمعاتنا الخليجية وتتطاول على رموزنا الوطنية والدينية تبث عبر أقمار صناعية ممولة منا. لذلك نتمنى أن يخرج اجتماع بيروت بموقف واضح وحازم من فضائيات نقيع غربان وبوم حاقدة على بلداننا، وهم يحاولون النيل من وحدتها الوطنية ومكتسباتها. والكل مع تعزيز حرية الرأي والتعبير ولكن ليس على حساب أمن واستقرار الوطن.


ali.alamodi@admedia.ae