مساء الخميس الماضي جرى بمسرح أبوظبي عند منطقة كاسر الأمواج عرض فيلم” تورا بورا” للمخرج الكويتي وليد العوضي، وذلك في مستهل عروض الدورة الخامسة من مهرجان الخليج السينمائي، والذي ينظم للمرة الأولى بين أبوظبي ودبي، بمبادرة من مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام. وهي مبادرة جميلة تؤكد تكامل جهود وأدوار كافة الجهات والمؤسسات في الدولة لتقديم كل ما هو جميل ومميز.
الفيلم -الذي حظي بحضور طيب، تقدمهم أبطاله وعلى رأسهم الفنان الكويتي القدير سعد الفرج وكذلك مخرج العمل، يروى قصة إنسانية مؤثرة دامية لمعاناة أب وأم اضطرا لتحمل أهوال ومشاق في فيافي أفغانستان بحثا عن ابنهما الذي أضله الضالون واقنعوه بأن الطريق إلى الجنة يبدأ من جبال “تورا بورا” قبل أن يكتشف حقيقة تعطشهم للدم وقتل الأبرياء عندما يطلبون منه تفجير نفسه في مدرسة للأطفال بزعم أنها واجهة يجتمع في داخلها” كفار”. وفي غفلة منا نبتت كالفطر الشيطاني تلك التنظيمات المتطرفة المتدثرة برداء الإسلام، وقلبت كل تعاليم وقيم الوسطية والاعتدال لدين الحق، لتفرخ نوعية من المحسوبين على شبابنا الخليجي، يلغون الآخر، ويكفرون من يختلف معهم، وبالتالي يهدرون دمه، وتجرأوا على ولاة أمرهم وناصبوا حكومات ومجتمعات بلدانهم العداء، بتفجيرات وأعمال إرهابية لم تصن قدسية الحياة والنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق، كما شاهدنا في بعض بلداننا الخليجية والمنطقة العربية، وامتد شرهم إلى دول أخرى صديقة. وبعد أن تسببوا في قتل عشرات الأبرياء وتدمير الممتلكات وخسائر هائلة في المقدرات، تصدت لهم الحكومات والمجتمعات على حد سواء لتتراجع الظاهرة بقوة وأن لم يقطع دابر أصحابها بعد.
ومن يذهب إلى مناطق مثل قندهار وخوست وجلال آباد ومزار الشريف يشاهد عشرات المقابر لشباب عرب، دفعوا ثمن ذلك التغرير والتضليل الذي مورس عليهم، ودفعوا وأسرهم وبلدانهم الثمن باهظاً.
الفيلم يحمل دعوة مفتوحة للجميع حكومات وأفراد لليقظة وتحمل المسؤولية لما يحاك باسم الدين، وجر فتية أغرار للمهالك ودروب التطرف والعنف والقتل والتدمير. وهي أمور دخيلة على مجتمعاتنا الخليجية المعروفة بحسن التعايش والتسامح واحترام الاختلاف، وتركيبتها تدل على ذلك.
واليوم هناك أيضاً من يحاول زرع الفتن في هذه المجتمعات تحت مظلة الدين، ويزينون الخروج عن طاعة ولي الأمر، فالطاعة عندهم والبيعة معقودة فقط لمرشدهم، والولاء له. وكما فشل”الابوات” السابقون، ممن كانوا يرون في سفك دماء الأبرياء وتفجير دور العبادة من أبواب الوصول للفردوس، انكشف”إخوان الشياطين” الذين تغلغلوا في غفلة من الزمن أيضاً، ووفق مخططهم المشبوه إلى تجمعات الشباب والتعليم التي ركزوا عليها للسيطرة علي عقول النشء، تماما كما فعل” الأبوات” القتل المجاني والتفجير، الذين كانوا يتخذون من المساجد أماكن للتجنيد واستدراج الأغرار نحو معسكراتهم المشبوهة في قفار وجبال أفغانستان وغيرها. ولكنهم انكشفوا، وتساقطت أوراقهم بفضل من الله ويقظة مؤسسات وأفراد المجتمع وقوة ترابطهم وتلاحمهم وطاعتهم وحبهم لولاة أمرهم وغيرتهم على مكتسبات أوطانهم. والمطلوب المزيد من اليقظة لكشف أصحاب “الأجندات الخارجية”.


ali.alamodi@admedia.ae