لقد كانت زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لجزيرة أبوموسى الإماراتية وتصريحاته المستفزة، صورة صارخة لمقدار التيه الذي يوسم الخطاب والأداء السياسي الإيراني في التعامل ليس فقط مع قضية جزرنا الإماراتية الثلاث التي تحتلها إيران منذ نوفمبر1971، وإنما في علاقاتها مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والعالم العربي ومحيطها الإسلامي والدولي.
لقد جاءت هذه الزيارة المستفزة لأبناء الإمارات ولكل المنتصرين للحق، بمثابة نسف للجهود والمبادرات التي حرصت عليها دولة الإمارات العربية المتحدة منذ قيام طهران الشاه باحتلال هذه الأجزاء الغالية من تراب إماراتنا الطاهر.
وأكدت الإمارات في كل مناسبة حرصها على تعزيز أمن واستقرار هذه المنطقة الحيوية التي تتشابك فيها مصالح العالم ودول الإقليم، وأطلقت الدعوات تلو الأخرى لتسوية هذه القضية من خلال الحوار المباشر أو اللجوء للتحكيم الدولي. بل مضت أبعد من ذلك في جهودها لبناء الثقة والمناخ الإيجابي الذي يفترض أن يؤسس لحسن الجوار بين دول المنطقة، بأن طلبت من شقيقاتها في دول مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية والمنظمات الدولية وقف إدراج بند “الجزر الإماراتية المحتلة” في أدبياتها، لإتاحة الفرصة لمبادرات الإمارات للتفاوض الثنائي المباشر. إلا أن الذين يعيشون”التيه السياسي” في طهران قرأوا بصورة معكوسة الحكمة والنضج الإماراتي في التعامل مع هذا الملف، فمضوا يتخبطون في تصرفاتهم ومواقفهم المستفزة، بصورة تجاوزت كل حدود بهذه الزيارة التي تفتقر للحد الأدنى من الذوق واللياقة والمسؤولية. وهي تصرفات تكشف حجم الأزمة التي يعيشونها في الداخل، والعزلة الدولية المتزايدة من حولهم جراء مغامراتهم الخارجية بالتدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، ويريدون لفت الأنظار بعيدا عنها بمثل الخطوات التي تجافي منطق التاريخ.
لقد آذت هذه الزيارة المشؤومة للرئيس الإيراني شعور كل أبناء الإمارات، و”الجار الإيراني” ينسف كل مزاعمه عن علاقات حسن الجوار والأخوة، بهذا الخرق الفاضح لاتفاق البلدين على التوصل لحل قضية الجزر. وفي الوقت الذي التزم الجانب الإماراتي به، كانت هذه الزيارة المقوضة للاتفاق. والتي أكدت “انفصام” الخطاب الإيراني وتفاقم حالة التيه التي يعاني منها أصحابه.
إن الخطوات المستفزة التي مثلتها الزيارة والخطاب الاستعلائي للرئيس الإيراني، لم ولن يغير من حقيقة أن جزيرة أبوموسى إماراتية كما جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى، ولن يفت من عزيمة مطالبة أبناء الإمارات باستعادة جزء غال وأصيل من وطنهم. لذلك على إيران الخروج من حالة التيه هذه بالاستماع لأصوات الحق والعدل والحرص على بناء علاقات حسن جوار حقيقية تقوم على الاحترام والمصالح المتبادلة وإعادة الحقوق لإصحابها بإنهاء احتلالها لجزرنا الإماراتية الثلاث. ودون ذلك ستظل إيران في عيوننا وعيون جيرانها صورة للعبث والمغامرة ونقض العهود والخطاب الاستعلائي المستفز الذي لا يخدم تطلعات شعوب المنطقة في الأمن والاستقرار والرخاء والازدهار. وستظل في عيون العالم خطراً يهدد السلام العالمي، والخيار بيد طهران. أما نحن فحقنا ثابت وواضح، فالحق سيعود لأصحابه والجرز الإماراتية المحتلة عائدة لنا عاجلا أو آجلا، وهو حق لا يتزعزع بمزاعم مدعي غارق في مغامراته.


ali.alamodi@admedia.ae