تواصلت على مدار الشهرين الماضي والجاري الفعاليات الثقافية، من معرض أبوظبي الدولي للكتاب وأيام الشارقة المسرحية، ومهرجان أبوظبي، و”آرت دبي”، وملتقى دبي الدولي للخط، وملتقى الشارقة للخط، ومهرجان الخليج السينمائي، والمعرض التشكيلي العام، وغيرها من الأمسيات الشعرية والقصصية والمحاضرات والندوات المتخصصة، وكذلك العديد من الفعاليات المجدولة في البرنامج الثقافي للمؤسسات والهيئات الثقافية في الدولة. وكل ذلك ينم عن إدراك حقيقي للفعل الثقافي، وضرورة حضوره في الحياة اليومية، لما لهذا الفعل من قدرة على الارتقاء بالذائقة الجمالية الجمعية، وتحريك الوازع الفني الجمالي داخل المتلقي الذي لديه ملكة الإبداع كي يمضي في درب الفن والجمال، على صعيد الكتابة والرسم والعزف والتمثيل والإخراج وغيره. إن المناسبات الثقافية المجدولة ضمن برنامج ثقافي سنوي حقق حضوراً قوياً في المشهد الثقافي المحلي، أصبحت ضرورة لا غنى عنها في الحياة الثقافية المحلية، مثل معارض الكتب، خاصة معرضي أبوظبي والشارقة الدوليين اللذين لهما الفضل الكبير والجليل في إرساء قواعد المعرفة، التي تهافت عليها القراء، ليس من داخل الدولة فقط، بل من مختلف أرجاء دول منطقة الخليج، لتميزهما بتوفير مختلف العناوين، بكامل الحرية ودون تدخل الرقيب الذي يجير الكلام كما يريد ويحجب حضور الكتب التي لا تتفق أحياناً مع الأيدلوجيا التي يعتنق. لقد ساهم هذان المعرضان في تأكيد وتأصيل الفعل الإبداعي لدى كتابنا ومبدعينا في مختلف المجالات الكتابية والفنية. إن مهرجان أيام الشارقة المسرحية الذي أسهم في تواصل الفعل المسرحي المحلي وإصرار المبدعين في مجال المسرح على الحضور الدائم في المشهد المحلي والخليجي والعربي، وأيضاً المعرض التشكيلي العام للفنون التشكيلية قد ساهم وبشكل كبير جداً في الارتقاء بالحركة الفنية التشكيلية إلى مستويات عالمية، وقدم العديد من الوجوه التشكيلية المحلية والعربية التي تعيش معنا في الإمارات بلد الاستيعاب والتنوع. إن ما تحدثه تلك المناسبات الثقافية المبرمجة سنوياً يخلق الفرح لدى كل متذوق للفعل الجمالي، ومن الطبيعي أن يكون هناك شغف بحضور كل تلك الفعاليات التي تتداخل مع بعضها بعضاً، وتحرم الكثيرين من ملاحقة هذه الأحداث الثقافية الجمالية المبرمجة، ومن هنا يكون من المهم والضروري أن تدور تلك الأحداث على مستوى الإمارات البعيدة عن مركز الحدث، لتوفر فرصة لمتذوقي هذا الجمال من متابعة الحدث، من جانب، ومن جانب آخر تخلق فرصة لديمومة الحدث الفني لفترة أطول، وهنا أعني تحديد الحدث القريب من روح المكان وتفاصيله والذي يعبر عن واقع المنجز الإبداعي لدى أبناء المكان ومنها على وجه الخصوص أيام الشارقة المسرحية والمعرض التشكيلي العام. وفي هذا الخصوص، نتذكر التعاون الذي تم بين مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام بأبوظبي، ومهرجان الخليج السينمائي بدبي لتقديم عروض من المهرجان في أبوظبي اليوم وغداً وبعد غد، وذلك بالتزامن مع فعاليات المهرجان الأساسية في دبي والتي بدأت أمس الأول، فمثل هذا التعاون هو المطلوب دائماً بين المؤسسات والهيئات الثقافية التي من المفترض أن يكون هدفها إشاعة الفعل الثقافي والجمالي وتكريسه في الحياة اليومية، فبالفن والجمال يرتقي إيقاع الحياة. saadjumah@hotmail.com