رسالة اليوم إلى رفيقة أو صديقة، فالعمر لا يزهر بلا صديق، والطريق نعبره بالرفيق أولاً، إنه الشخص الذي آمنا به – والعمر لا يزال طرياً - بأنه القادر من دون غيره على اجتراح الفرح بمجرد أن يلوح في البعيد، الشخص الذي يصير مع الأيام ذاكرتنا الثانية وسترنا وغطاءنا، وشريك الشقاوات والحماقات، شخص لا تحتمل خفته ولا يحتمل ثقل بعده، شخص من المحتمل أن نأتي إلى هذه الدنيا ونرحل عنها من دون أن نلتقيـه، فنصـرخ يا صديق العمر، يا ملح الحياة تساقط أنساً جنيا، كن السماء والمظلة، وكن المطر وكن وقت الضيق والخسارات والضحك الذي بلا خاتمة. إلى صديقتي... هناك: بعد أن شاء القدر أن تكوني بعيدة، وتكبر صداقتنا في المسافة بين هنا وهناك، أيقنت أن للقدر مسارات لا نعلم أسرارها، نحن المتأرجحون بين المصادفة والقدر، وقد كنت يا صديقتي إحدى تجليات القدر، حين جئت شعرت كما يشعر أولئك الذين يربحون في اليانصيب مئة مليون دولار، يومها صدقت أن الصديق يمكن أن يكون المفاجأة الوحيدة التي لا تتكرر، تماماً كسحوبات اليانصيب الخرافية التي قد لا تحدث أبداً، ذلك يعتمد على علاقتنا بالحظ!! صديقتي، عندما عرفتك فوجئت بضجيج الطفل الذي بداخلك، ففي الوقت الذي يسمع أفضل أصدقائي ما أقول، تسمعين أنت ما لم أقل، في الحقيقة كانت تلك نعمة مدهشة، وكنت أعيد اكتشاف كثير من المناطق المجهولة كوكبي الخاص. إلى صديقتي هناك... كنت تبحثين عني بمحبة، وكنت قد بحثت في كل الدنيا لأجدك، ومنك سمعت أننا نأتي إلى الدنيا وقد نرحل عنها من دون أن نحظى بأجمل الأشياء، أظنك تعنين بأجمل الأشياء صديقاً يعرف أغنية قلبك ويستطيع أن يغنيها لك عندما تنسين كلماتها... إنه أنت. صديقتي، المحبة لا تحتاج لبطاقة هوية أو جواز سفر، تحتاج أن نؤمن بإنسانيتنا أولاً، الإنسانية ارتقاء فوق شرطنا البشري المليء بالعيوب والنقائص بالعنصرية والأنانية، كم تبدو إنسانيتك شفافة حد تساقط الدمع برمشة عين، كيف استطعت أن تجمعي هذا الصدق وهذا الجمال؟ لا أبحث عن جواب، أراه في نحول جسدك المنهك. إلى صديقتي هناك... من أين تأتين بهذا الصبر على احتمال قسوة الدنيا بروح ضاجة بالمرح؟ ومن أين آتي لك بقدرة توازيها لأكون جديرة برفقتك؟ في مرضك كم وددت لو كنت قربك، لكنني ابتعدت كثيراً لأعاقب الجغرافيا على قسوة المسافات، فأنت تستحقين جلال القرب وتراتيل الدفء، واحتفاء العائلة. صديقتي، كنت أحب البحر، ولدت قريباً من صوت أمواجه وروائح النوارس تعبث في سمائه، كان معنى موازياً لحرية طفولتي، واخضرار الذاكرة، ما كنت أحسبه سيفصل بيننا، لماذا فعل؟ لماذا كنت بعيدة هناك؟ إلى صديقتي هناك... صباحك شمس هذا اليوم يا حبيبة الشمس، صباحك سكر اليوم عسى أن تكون حروفي يد طفل مباركة تمحو قسوة الأيام التي مضت، وتأتي لك بسكر العالم كي تصبح كل أيامك أحلى. صديقتي، شكراً لأنك احتملت تقلبات مزاجي، صمتي، كتاباتي وقراءاتي التي لا تحبينها أحياناً، شكراً لأنك بقيت صديقتي رغم ما كان ذات يوم. عائشة سلطان | ayya-222@hotmail.com