من الشعارات المرورية الجميلة “لا تتصل.. لتصل”، والتي علينا جميعاً أن نحرص على تطبيقها، لأهميتها وضرورتها في حياتنا التي تهددها أمور كثيرة في أيدينا، ولا تغيب عن سمع أذنينا، وغدا البعض منا، بل أكثرنا يدير أعماله وشؤونه من خلالها، وهو قائم، وهو قاعد، وهو سائق!
واليوم.. مهما أصدرنا من قوانين، وفرضنا من عقوبات، لن تجدي إذا ما أردفناها بالوعي والإرشاد، والوعي منبعه الذات، والإرشاد يأتي بالعبرة والمثل، ومن ثم تأتي المخالفات، والضوابط الرادعة!
مستخدمو الهواتف النقالة أثناء قيادة المركبات هم أربع فئات: الرجال المزدحمون بالأعمال، وهؤلاء قصتهم نلخصها في مثل عابر، فقد انتقل أحدهم من المقعد الأمامي للقيادة، ليستقر بشكل نهائي في المقعد الخلفي يقود به سائق خاص، بسبب مكالمة كادت أن تودي بحياته، وتكتم فرحه بأمواله، وأولاده، ومتعة الدنيا!
الفئة الثانية: هي النساء ذوات السواقة المرتبكة، والمعطلة، والمسببة للزحمة وللحوادث، وهن كثر، وكثيرات الكلام، ولا يحببن أن يختصرن أحاديثهن، ويركزن على الموضوع، وهؤلاء يكفيهن ما حدث لأختهن في القيادة، العائدة من عملها، وهي تتصل بالشغالة لتتأكد أن الغداء محضر، وتسأل عن الصبي الصغير، وتتصل بزوجها لكي يحضر على الغداء، وتتصل بمحل في المارينا لتتأكد أن ساعتها تصلحت، وتتصل بصديقتها لكي لا تنسى الموعد بعد المغرب، وتتصل بالسائق ليمر على الجمعية قبل أن يحضر البنات من المدرسة، وتحول رسالة “إس.إم.إس” فيها نكت لأختها، وتفتح رسالة جديدة جاءتها من جمعية تدعوها لمحاضرة دينية ثقافية، سبتهم ومسحتها بسرعة، وتتصل.. وتتصل، لكنها لم تصل إلى البيت في وقتها، ولم تتم فرحتها بكل الأشياء التي حضّرتها، هي اليوم تدير كل تلك المكالمات من خلف خمار يغطي وجهاً شوهه حادث نهار ذلك اليوم.
الفئة الثالثة: هي فئة الشباب من الجنسين، وهؤلاء هم مكمن الخطر الحقيقي، خاصة الذكور منهم، هم خطر على أنفسهم، وخطر على الغير، خاصة أن معظمهم يحمل هاتفين بدلاً من واحد، وجل أحاديثهم غير نافعة، وليست في وقتها، ويمكن أن تؤجل، ويمكن أن يستغنى عنها دون أن يتضرر أحد، قصصهم قاتلة، ومميتة، لأنهم يسوقون بدون “حاسيّة” وسط ضجيج من رنات هواتف مختلفة ومتسارعة، ومعطّلة للحياة!
الفئة الرابعة: هي الفئة المرتبكة والمربكة والتي تفزّ لأي صوت أو تقفز لأي نداء، ويمكن أن تتعثر أمام جمع غفير لأن هاتفاً رن في جيب أحدهم، أو تشعى صفاً متراصاً لأن أحدهم سمع رنّة زوجته المميزة، أو جاءه هاتف من شخص مسؤول وغير متسامح، وهؤلاء قصصهم عادة ما تنتهي بموتة مجانية، وغير مستحقة، وفي غير وقتها الأصلي!
لكل هؤلاء.. والناس، جربوا أن تتخلوا عن هواتفكم المنقولة والمتنقلة معكم أينما كنتم، خاصة أثناء القيادة، لأن قصة حَمّود وأمه يمكن أن تحدث لأي منا.. حفظكم الله!



amood8@yahoo.com