نتابع بشغف ولهف وكلف وتلف هذا التجمع الخليجي الذي تألف فيه المشاعر ويرفع التاريخ فيه علم الألفة والمحبة وتبسط الجغرافيا جناح الفخر والعز بشعب أسس بنيانه الخليجي العربي الإسلامي على أوتاد وثقافة امتدت على مدى السنين، ولكن وللأسف ما ينغص ويكدر ويفسد الفرحة هذه الملاسنات والمشاحنات والألفاظ الخارجة عن سياق المعنى الرياضي والتي تصدر غالباً من قادة الاتحادات الرياضية في المنطقة، هذه الانحرافات اللفظية والسلوكية أشواك وخازة في طريق العلاقة الأخوية التي تجمع الأشقاء تحت سقف خيمة واحدة، وتثير لغطاً وغلطاً وخلطاً وشططاً وتعكر وتكدر وتنذر بمماحكات أسوأ مما يتوقعها الذين تتورم ذواتهم ولا يفكرون إلا في اللحظة الآنية، لحظة الحماس الأناني مندفعين خلف هذاءات تصور لهم أنهم بذلك يدافعون عن حق مشروع، هو حق التقوقع حول الذات ونسيان البعد الآخر الذي يجمع أهل الخليج العربي من مصير وتاريخ مشترك واحد هو فوق كل المسابقات والمنافسات الرياضية، وأهمية الرياضة هنا تأتي من تأليفها النسيج الواحد لا برمي الجمرات على رؤوس الأشهاد وتحويل الرياضة إلى سيوف وحتوف وسقوف أضيق من ثقب إبرة.
التشنج في الرياضة يعني الانتحار والاندحار والانكسار وخلق واقع سوداوي مأساوي لا تحتمله حقيقة العلاقة بين أبناء المنطقة والإنجاز الرياضي عمل مهم، وإضافة جديدة وجيدة لرصيد أي بلد، ولكن عندما يتحول الدفاع عن الإنجاز الرياضي، إلى التخلي عن الأسس والمفاهيم والقيم والمبادئ، فإن المسألة تصبح غوغاء في شعواء، وأهل الخليج العربي لم يتصوروا على مثل هذه القيم المقيتة، بل إن البحر جمعهم على ظهر مركب واحد، يعانق الموجة ويغرد الشراع بشفافية الانتماء إلى الماء، وبعفوية الفضاءات الرحبة والقلوب المحبة.
ونقولها بكل صراحة، فعندما يخرج قادة الاتحادات الرياضية عن النص، فإن بعض الصحف الصفراء تدخل على الخط بحماقة لتلون الأشياء باللون الرمادي وتعيث فساداً في المعنى والمضمون، لأنها صحف تعكر في الإثارة ولا يعنيها ماذا سيخلفه هذا الغبار وما هي نتيجة هذا السعار.
ضعوا الخليج العربي أولاً في عقولكم وقلوبكم، ثم فكروا في أي شيء.. فالمساس بالسمعة إطفاء لشمعة هذا الكوكب الدري، وهذا خط أحمر يجب أن يدافع عنه كل من له بصر.. ونظر.