طالت الغيبة هذه المرة، وما زالت عند رأيي الدائم بأنه وإن غاب الجسد إلا أن التلاقي لا يغيب، ليس بفعل التواصل اليومي، ولكن بفعل حاجة النفس وشغفها بكل ما هو إماراتي أولاً، ولأنكم تدركون مثلي أننا في السفر نكون أكثر حباً ولهفة وشوقاً، ونتلمس أخبار البلد، نبحث فيها عن سلوانا في الغربة ولياليها شديدة البرودة. وفي الغياب، كانت كل الأنباء سعيدة، ولعل في مقدمتها فوز الملحق الرياضي بالاتحاد بجائزة الصحافة العربية عن فئة الصحافة الرياضية، عن الملف الذي تقدم به الزميل أمين الدوبلي بعنوان «فخ المنشطات .. سارق الفرح»، في إضافة جديدة لمكتسبات هذا الملحق، الذي يسمو بعطاء أبنائه، وتفاني الزملاء كافة، والذين يزيد فخري بهم كل يوم، باعتبارهم الرصيد الأهم. والحقيقة التي نؤكدها دوماً عند كل جائزة نحصدها، هي أن العمل الجماعي وإنكار الذات والإيثار هو ما يمنحنا الفرحة، ويهدينا عند كل حصاد ثماراً يانعة زكية، وقد كان ملف الزميل أمين الدوبلي عنواناً لهذه الروح ولهذا التفاني وتجسيداً لروح الفريق التي وضعت الاتحاد من قبل على عرش أفضل ملحق في كأس الأمم الآسيوية والأفضل في كأس الخليج الأخيرة، وما بين هذه وتلك تعددت وتنوعت الجوائز، وسعادتها الحقيقية تكمن في رضاكم أنتم لأننا لديكم «الاختيار الصحيح» والمرآة الصادقة للساحة الرياضية بكل شؤونها وتفاعلاتها. النبأ السعيد الثاني في الغياب، كان في فوز عجمان بكأس المحترفين، ومكمن السعادة ليس أنني من «أنصار البرتقالي»، ولكن لأن تنوع البطولات وتقسيمها بين الأندية، يعني بساطة أن لدينا كرة حقيقية، وأن هناك جهوداً تُبذل هنا وهناك، وأن الأمر ليس قاصراً على نادٍ بعينه، ولا على اثنين، لكن البقية لديهم القدرة على المنافسة وعلى اقتسام الغنائم من الموسم. والحقيقة أن فريق عجمان يستحق هذه الفرحة، فقد قدم موسماً طيباً، وكان من الفرق صاحبة البصمة الخاصة، وأبلى لاعبوه بلاء حسناً، بقيادة مدربهم عبدالوهاب عبدالقادر، وخلفهم كانت الإدارة، تقدم دعماً ملموساً بلا ضجيج، ودون أن تتعامل بالقطعة، فجاءهم الحصاد من جنس ما زرعوا.. بطولة تاريخية لعجمان يضيفها إلى رصيده، ويعزز بها طموحاته في طلب المزيد. ويبدو بني ياس هو الآخر، عازماً على ألا يودع الموسم خالي الوفاض، لكنه اختار ساحة أخرى، هي الساحة الخليجية، التي وصل إلى النهائي فيها، بعد أن عبر نجران السعودي عقب مباراتين، حبستا أنفاسنا سواء من تابعوها هنا، أو حتى وأنا أتابعها هناك في الخارج، قبل أن يقول المصري محمد أبوتريكة كلمته ويهدي السماوي هدفاً جميلاً في الوقت الضائع، يصعد بالفريق إلى الدور النهائي، حيث كانت المواجهة الأولى مع الخور القطري بالدوحة، وفيها حقق بني ياس تعادلاً ثميناً، يعزز من فرصه في مباراة العودة يوم الخميس المقبل، وهي المباراة التي تحتاج إلى كل جماهير الكرة الإماراتية، ليساندوا الحلم السماوي، ويزفوه إلى اللقب الخليجي بإذن الله. أما آخر الأنباء، والذي لم يكن سعيداً مثل ما سبق، فكان بعد العودة، وتمثل في اعتذار أو استقالة عبدالله ناصر الجنيبي من مجلس إدارة الوحدة، والحقيقة أنني أحزن كثيراً كلما ابتعدت كفاءة من كفاءاتنا الإدارية الرياضية، ولا ينكر أحد جهد الجنيبي وأنه «عنابي» حتى النخاع، وأن رحيله عن الوحدة خسارة كبيرة. كلمة أخيرة: الغياب الحقيقي لم يكن يوماً في أن تبتعد.. لكنه في أن تكف عن التفكير. mohamed.albade@admedia.ae