بمناسبة معرض أبوظبي الدولي للكتاب، أتساءل كثيرا، أين سأضع الكتب التي أشتريها كل عام، حين تمتلئ مكتبتي وتفيض بما تحمل، وضعت الكتب في ركن قصي من الغرفة، وتكومت حول هذه المجموعة مجموعات أخرى عادة ما أجلبها معي من أسفاري أو أحصل عليها كهدايا من مؤسسات وزملاء وأصدقاء، لدي كتب انتهيت منها تماما وحملت بصمات مرحلة ماضية، وما عدت بحاجة إليها، وحين حاولت التبرع بها لمسجد الحي قيل لي بأن المسجد لا يقبل إلا المصاحف بسبب عدم وجود مكتبة للكتب.
وحين أشتري قطعة إكسسوار جديدة، أو أيا من المقتنيات الشخصية كالحقائب والهواتف النقالة، والساعات وأواني المنزل الجديدة، فإنني أواجه دوما المشكلة نفسها، لا يوجد حيز مكاني لكل هذا، ولا يمكن إلقاء هذه المقتنيات في سلة المهملات، فهي لازالت في وضع جيد يسمح باستخدامها، وإذن فما هو الحل؟ أتذكر جيدا حين كنت في بريطانيا فترة من الزمن كان يطرق على بابي أحد الشباب بين فترة وأخرى سائلا عن مقتنيات لم أعد في حاجة إليها، كان هذا الأمر جديدا بالنسبة لي يومها، لكنني عرفت منه أنهم في بريطانيا يلجأون لجمع الحاجيات المستخدمة والتصرف بها.
أعطاني ورقة باسم جمعية لشباب متطوعين يجمعون أي شيء يمكن لأهل المنزل التبرع به أو يرغبون في التخلص منه، كما زودني بكيس كبير وطلب مني وضع أي شيء أشعر بأنني لست بحاجة إليه، وقبل أن يغادرني قال كأنه يذكرني بأمر مهم: حين نفكر في إلقاء شيء صالح للاستعمال لأنه لا مكان له عندنا لنتذكر أن هناك من يحتاج اليه لأنه لا مال لديه ليشتريه.
قرأ علي الشاب القائمة التالية: كتب قديمة، أواني منزلية، ملابس شتوية، أحذية، حقائب سفر، ملابس أطفال، أقلام تلوين، أدوات المائدة، لوحات، قطع أثاث مستهلكة، أدوات كهربائية.... الخ، قال كل هذه الأشياء يحتاجها آخرون، وأن جمعيتهم تجمعها وتعيد توزيعها أو تبيعها وتشتري بثمنها مقتنيات أخرى.
لدي يقين بأن مشاريع كهذه موجودة في الإمارات، لكن كثير من أفراد المجتمع لايعلمون بها أولا، ولا يدرون بأهميتها اجتماعيا ونفسيا، ولذلك أتمنى أن يقوم أصحاب هذه المشاريع بالإعلان عنها بأحد أكثر الطرق بساطة ومجانية، وضع ملصق أو ورقة تحمل عنوان ورقم هاتف الجهة المعنية على أبواب المنازل أو في مداخل الجمعيات التعاونية، فالتخلص من الاحتياجات الزائدة عن حاجتنا مهم جدا لتخليصنا من عادة مراكمة “الكراكيب” التي بلا ضرورة، والتي تعيق حركة الطاقة في بيوتنا الممتلئة بالحاجيات الكثيرة جدا والزائدة عن الحاجة تماما.
ربما يمكن للطلاب في المدارس القيام بمشاريع مجتمعية في أحيائهم بجمع هذه المقتنيات وإعادة إصلاحها وتنظيفها وتغليفها وتوزيعها على كثير من المحتاجين أو بيعها في مزاد خيري والتبرع بثمنها لمشاريع بيئية للحي كزراعة مداخل المنازل أو تزويد حديقة الحي ببعض الألعاب أو أي مشروع مشابه، فمجتمعنا تنقصه بعض المبادرات الجماعية التطوعية التي تحيي روح العمل الجماعي وتوسع مدارك الصغار والكبار معا.


ayya-222@hotmail.com