تخصصت بعض الصحف البريطانية على، وجه التحديد، بجعل كل ما هو مثير مرتبطاً بدبي، وذلك باختلاق قصص وقضايا مرتبطة بمشاهير عند تواجدهم في المدينة التي لا تنام، وقد كانت أحدث القصص التي اخترعتها ما جرى خلال زيارة المغني المراهق الكندي جستن بيبر وإحيائه حفلين فنيين فيها.
فقد ذكرت أن المغني الشهير أُوقف من قبل شرطة دبي لقيادته سيارة “لمبورجيني” مستأجرة بسرعة جنونية على شارع الشيخ زايد، وقد نفت الشرطة الواقعة، ومع هذا كانت تلك الصحف تصر على روايتها، التي وإن وقعت أو جرت، فإنه من الطبيعي أن توقف الشرطة في أي منطقة من العالم من يتجاوز السرعات المحددة للسير على الطرق، ناهيك عن المخالفات التي ترتكب عند خرق القوانين.
لم تكن تلك المرّة الأولى التي تختلق فيها بعض صحف التابلويد البريطانية مثل هذه القصص التي تعتاش منها، ويبدو أن دبي تثير خيالاتهم بمثل هذه الأخبار، فقد سارت جولة المغني الكندي وفق ما هو مخطط له لولا أن أفسدتها أخبار من جنوب أفريقيا حول السطو على عائدات حفله الذي أقيم هناك، والذي لا تزال الشرطة تحقق فيه، ومع هذا لم تهتم بالقصة الحقيقية، تلك الصحف، كما اهتمت بقصة تجاوز السرعة بالسيارة “اللمبورجيني” التي يبدو أنها خلطت بينها وبين سيارة مثيلة لها أصبحت اليوم جزءاً من أسطول دوريات شرطة دبي، وهي تروج للمدينة في إطار مساعيها وجهودها لاحتضان واستضافة “معرض إكسبو 2020”، وهي صورة من صور النجاحات التي حققتها المدينة، وأصبحت محط أنظار العالم.
لقد استمرأت تلك الوسائل الصورة النمطية التي تسوقها عن العرب ومجتمعاتنا الخليجية، وتعتبر القصص المختلقة التي تعتمد عليها زادها، ومادتها الأساسية لزيادة مبيعاتها، من دون أن تنتبه إلى أنّ مثل هذه الوسائل هي في الأخير تنال من المصداقية والمهنية التي لطالما تشدّقت بها عند الحديث عما يميز الصحافة الغربية عن مثيلاتها في المجتمعات الأخرى.
ولكن يبدو أنّ الصحافة الصفراء في لندن قد قررت البقاء في ذلك المربع الذي اختارته لنفسها، وفرطت معه بكل المعايير المهنية والاحترافية، والمصداقية في نقل الخبر للقارئ والرأي العام، كما في المثال الذي ذكرناه حول جولة ذلك المغني الكندي، وبالتأكيد لن تكون القصة المختلقة الأولى من نوعها أو الأخيرة مع استمرار وجود مثل هذه النوعية من الصحف.
إن هذه الواقعة تكشف لنا من جديد استمرار العديد من الصحف الصفراء في بريطانيا، واحترافها قلب الحقائق عندما تتعلق الأمور بقضايا احترام اللوائح والقوانين لدينا، فقبل ذلك كانت تعرض قصصاً ووقائع عن مخالفات قانونية لزوار أو مقيمين بريطانيين، وتصور مجتمعنا كما لو أنه مقيد للحريات الفردية.
وتناست أن تلك الصور التي تحاول أن تروجها عن “دار الحي” والإمارات إجمالاً لم تمنع أكثر من مليوني سائح بريطاني من زيارة الدولة سنويا، ومن المؤكد أنهم وجدوا في المقصد السياحي الذي اختاروه مكاناً جذاباً للراحة والاستجمام، والتسوق، والاستمتاع بالمرافق السياحية والفندقية المتطورة التي تزخر بها، وفوق ذلك كله شعباً مضيافاً يرحب بضيوفه بكل احترام وتقدير ومحبة.


ali.alamodi@admedia.ae