حين من الوقت يجلس في مقهى القلب يبسط ويستمع إلى صوت الأغنية حين تبث عبر الأثير.. وبصوت خافت يردد ويدندن بشفاته رامياً ثقل اليوم خلف ظهره منزلاً عن كاهلة ما يجثم على صدره، «عيون القلب سهرانه ما بتنامش» هو ذاك الجالس بخلاصة على كرسي بعيداً عن ضجة الناس المستمع لصوت المغني المعرب عن امتنان رفيع للانشراحات التي رددها الكورال الشجي وراء المغني، أحب ذاك الشعور الخفي في الداخل المتماثل مع اللفظ الجميل في صوت القرار في حنجرته والبياض اللافت في عربه أحب التطوال في المد الطويل لحظة خفتت الموسيقى قبل الطلوع. «مرينا بيكم حمد وحنا بقطار الليل وأسمعنا دق قهوه وشمينا ريحة هيل» أذهب للحراك الكامن في أعماق اللحن والذي يسيطر علي خروجه وأقرأ فيه متعة التفاصيل أتحرى الشجن البعيد واستجله من صوت المؤدي الممتع الراقي في تماهي الأداء وصفاء معناه. أدف بأحاسيس عالية إلى روح الإنصات إلى ساعة الخيال وطموح النفس بالمزيد من الوهج في رقي الأغنية.. خذ وبدد صوتك في المدى وأنصت للحالمين في الأماكن المتسعة لضمك في الأرحب مع عازف.. مع المغني شجن واصطاد طائرك في التأمل وأمنحه الحرية للغناء والابتسام.. على بعد يجلس يحاكي ظنه في الخيالات ويظهر مدى سعته في أغنيات المقهى في جلوسه، في صفاء يجلس المتحدث باسم الأغنية متعهد سهرتنا الليلة ممتناً لمن يسمع شجن قلبه، لمن يغمس آهاته برمل الأيام وينتظر شروق بدر. «غاب بدري أنا يامن يجيبه» «ياخذ أجر المولع في هواه» أحب أن تتناول معي اللحظة وتستمع بمرور السرور، أنت وحدك تمنح ما يليق باستماعي وبإنصات أذني، وحدك ما يجسد الدفء الأنيق ويمنح القلب الفرح واللمعان في هذا المكان الرحب تتسع لنظرتك الحضور والأحلام تعال فيك ما يعطي الازدهار في أصابع العازف. ومضات الإنصات لبوح الأغنية وصوت المغني، يضعنا في ظلم لكاتب الأغنية وأحاسيسه، فهو المعنى الأهم في بروز ذاك الوهج وتألقه.. إن الأغنية هي رسالة مشتركة ما بين الأطراف جميعاً وهي لا تكتمل إلا باكتمال عناصرها وتوهجها يأتي بإبداع جميل من الكاتب والملحن والمغني.. إن لحظة التأمل عند سماعك للأغنية هو استذكار لكل الأحلام ودفئها في المنامات، حين تحضنك تلك اللحظة بجمالها ذائقة الإنسان مرتبطة بالفرح والانسيابية في التلقي وبسط راحة القلب للاستماع والانصات براحه.. ونحن في بحث عن التعبير الذي يضيف للعقل والروح الشيء الكثير حتى نتعرف بكل وعي على الجاد وغير الرخيص مما يطرح.. إن سوق الأغنية مفتوح وغير رافض، إلا أن الجاد والمهم يبدو قليلا أو يبدو كأنه في حالة عدم توازن وترقب لكل احتمال قد يكون أمل بأن تصبح أذن المستمع مدركة لجمال ما تسمع وأن تكون مفتوحة على النافع، ومميزة لذاك المتوهج من البوح!