تطرقت مراراً وتكراراً لظاهرة إلقاء القمامة والمخلفات وأعقاب السجائر والبصق، وترك القمامة والمخلفات في الحدائق والمتنزهات في الشوارع والأماكن العامة، وهي ظاهرة لا ترتقي لمستوى دولتنا الحضاري، وهي تصرفات غير مسؤولة يرتكبها العديد من أفراد المجتمع دون أي مسؤولية، أو وازع لمراعاة المجتمع والحفاظ على نظافة الأماكن العامة والبيئة، ويتعاملون مع تصرفاتهم السلبية وكأنها شيء طبيعي، ولا ضيم فيه، وهي مصيبة كبرى، فقناعتهم تلك تنطلق من إيمانهم بان مسؤولية تنظيف مخلفاتهم، والحفاظ على نظافة الأماكن العامة والشوارع والميادين والحدائق هي مسؤولية عمال النظافة فقط، ولا حاجة لأن يتكلف الفرد ويحافظ على تلك الأماكن ويراعي نظافتها، فالجهات المعنية تتكفل بذلك نيابة عنهم وعن أفراد المجتمع.
لكبح هذه القناعات والمغالطات، ووضع حد للسلوك غير الحضارية، كان لزاماً أن تضع الجهات المعنية حداً لهذه التصرفات السلبية، فالجهات المعينة وفرت كل ما نحتاجه وجعلتنا نتباهى بما وصلت إليه مدننا من تطور ونمو عمراني ومرافق وغيرها من الأساسيات التي تفتقر إليها العديد من الدول التي سبقتنا تاريخياً.
قد يظن هؤلاء من يلقي بمخلفاته في نهر الطريق وعند التقاطعات وفي الأماكن العامة، وأينما كان، أن ما يفعلونه هو تصرف سليم، وعلى أسوأ تقدير لا بأس به، إن هؤلاء وبتصرفاتهم السلبية يشوهون منظر مدننا العامة، ويعبثون بجمالها ومرافقها، ويشوهون اللوحة الرائعة التي ترسمها شوارعنا ومياديننا وحدائقنا ومرافقنا العامة.
وحسنا فعلت بلدية أبوظبي عندما أعلنت مؤخراً عن تحرير ألف مخالفة، بحق أشخاص أقدموا على ارتكاب سلوكيات مرفوضة، منها إلقاء مخلفات وبقايا سجائر في الأماكن العامة والحدائق، والبصق في الشوارع.
حسب لوائح ونظم البلدية هناك غرامات تتراوح بين مائة وخمسمائة درهم لكل من يقوم بالبصق أو إلقاء بقايا السجائر أو المخلفات أو بصق العلكة داخل شوارع مدينة أبوظبي، إضافة إلى تعرضه للمساءلة القانونية، أي أن القانون والتشريع موجود لكن الخلل والمشكلة في تطبيقه، فمنذ سنوات لم نسمع أن البلدية أو أي جهة قامت بمخالفة سائق نفض مدواخه بالشارع، أو مراهق رمي علبة المشروبات الغازية بعد أن أفرغها بجوفه في الشارع، أو فتاة متمددة على المقعد الخلفي رمت نصف علبة المحارم من نافذة السيارة بعد أن أعادت وضع مكياجها، أو سائق أجرة تحلى بجرأة وأفرغ كماً من المخلفات كان متكدسا بسيارته، قبل أن يعيدها إلى نقطة تجمع سيارات الأجرة، أو عائلة استمتعت برحلة شواء في هذه الجو الجميل، وتمردت وتخلت عن كل مبادئ الذوق والنظافة، وحولت المكان الجميل قبل قدومها إليه إلى كومة من المخلفات.
إذاً فالمطلوب هو قليل من المسؤولية وشعور بالغيرة على جمال مدننا، والحرص على نظافتها، مع كثير من التشدد في تطبيق القوانين والعقوبات بحق من لا تردعه إلا الغرامات والعقوبات.


m.eisa@alittihad.ae