قد يستغرب البعض من وجود مخترع بيننا، في ظل ما يثار حولنا في الشرق من صور نمطية تستهجن أن يكون لدينا مخترعون في الوقت الذي تكون فيه الاختراعات لدى الآخرين أمرا بديهيا وعاديا، ربما نكون نحن من أسهم بشكل أو بآخر في خلق تلك الصور النمطية، لأن لا أحد يلتفت إلى ما يقوم به بعض المخترعين من شبابنا الطامحين والأخذ بأيديهم، ما يوصلهم إلى حالة من الإحباط.. والاستكانة للواقع. ولعل ضعف ثقافة الاختراع لدينا، تبرره قلة وعي المجتمع بأهمية هذا النمط من الأداء وربما لأن الثورة الصناعية لم تمر من هنا، تلك التي شهدتها أوروبا خلال القرن الثامن عشر، حيث شهدت نهضة علمية شاملة قامت على أكتاف العلوم التي نُقلت من الشرق والتي أسسـها وألّفها العلماء العرب، وربما عدم معرفة البعض بالقواعد والأسس التي تمنح على أساسها الجوائز والميداليات الدولية في معارض الاختراعات العالمية يصب في ذات الاتجاه، إذ لا يتطلب الأمر سوى أصالة الفكرة وأهميتها وفائدتها للناس ووجود انموذج عن الاختراع وخطة عمل حول طريقة استثماره. كثيرة هي الاختراعات التي اطلعت عليها من واقع عملي كصحفي، قام بها شباب مواطنون وتم نشر العديد منها ضمن ملاحق الاتحاد، وهي تعكس قدرتهم كمخترعين ودرجة كبيرة من الثقافة والوعي والعلم، تجسد الرغبة الجامحة لديهم في أن يخرجوا من مربع أنهم متلقون مستهلكون لا ينتجون أفكاراً ولا يصنعونها، إلى مساحة أرحب يثبتون من خلالها أن منهم من يفكر ويخترع لكن تنقصهم الخبرة والثقة بالنفس، التي يمكن أن تقوم بتعزيزها مؤسسات فاعلة تتبنى تلك القدرات ليتمكنوا من إثبات وجودهم في المحافل العالمية ورفع راية بلادهم عالياً. الدعوة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، بضرورة تبني المواهب الوطنية الشابة ودعمها وتشجيعها كي يشتد عودها وتثبت وجودها كمواهب قادرة على الإبداع والمشاركة الفعالة، في تشكيل المشهد الثقافي الإماراتي بكل مكوناته واختصاصاته وإبراز الوجه الحضاري والإنساني لشعب الإمارات، تلك التوجيهات تصب في ذات الاتجاه وتعكس تطلعات القيادة وثقتها في أبناء شعبها الزاخر بالطاقات والأفكار الخلاقة في شتى الميادين التي تلتزم بقضايا الوطن وبالهوية الوطنية، كما تجسد رسالة للجهات المعنية في كافة الميادين برعاية تلك البراعم التي تحوي أكمامها مواهب وأفكاراً وآمالاً خلاقة، قد تلفت أنظار العالم لها في يوم من الأيام. تلك الثقة وهذه الدعوة لا شك أنها ستشكل حافزاً لشباب الوطن ودعماً لمسيرتهم العلمية في كافة المجالات، للوصول إلى العالمية لجسر التواصل مع شعوب العالم ومشاركتهم اهتماماتهم الحضارية على مختلف الصعد الثقافية والعلمية والاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية. التوجه من قبل بعض مؤسسات التعليم بالدولة مؤخراً لإيفاد طلاب وهم على مقاعد الدراسة للخارج لاكتساب خبرات ومهارات مخطط لها من مؤسسات دولية عريقة، تشكل مفصلاً حقيقياً في حياة الطالب الدراسية لدعم توجهاته المستقبلية في التحصيل العلمي والثقافي، وبالتالي إمكانية الولوج إلى الابتكارات والاختراعات في مختلف العلوم... تمنياتنا لأبنائنا بمستقبل زاهر في ظل القيادة الرشيدة.. jameelrafee@admedia.ae