جلسات كثيرة ومتحدثون كثر ومحاورون ومنسقون وموظفون وموظفات ومتطوعون ومديرون ورؤساء تحرير وفنانون وصحفيون لا يشق لهم غبار وكتاب لا يسقط من بين أصابعهم قلم ولا تغلبهم العبارات، ومطربون، ومقدمو برامج حوارية سياسية وحوارية ساخرة وحوارية ضرورية وحوارية لا لزوم لها، وأساتذة سياسة واقتصاد وإعلام، وسياسيون ووزراء ورجال دولة وعلماء دين، وفي مقدمة كل هذا الجمع يأتي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، ونبيل العربي أمين عام الجامعة العربية، كل هؤلاء بصفاتهم وهيئاتهم ومكاناتهم ورمزيتهم السياسية والدينية جاءوا ليستمعوا إلى الصوت الهادر في فضاء العالم العربي: صوت الإعلام والإعلاميين!
قضايا الإعلام كقضايا العرب، لا أول لها ولا آخر، ولا ظاهر ولا باطن، قضايا ملتبسة، محرمة، وسهلة مباحة، وقضايا شائكة ممنوع الاقتراب منها، وإلا فالنتيجة أن يتحول الصحفي إلى رقم إضافي في قوائم شهداء الصحافة وضحايا الإعلام، قضايا الإعلام العربي مغموسة بالسياسة أولاً ومرتهنة للاقتصاد أساساً، واليوم بالثورات وبالفوضى وبالشباب والتغيير، بالأمل في الغد وبالإحباطات التي تنخر في القلب منذ القرن الأول للهجرة ومنذ اليوم الأول للصحافة، قضايا لخصها الشيخ محمد بن راشد في الحرية، وشرحها شيخ الأزهر حين أفاض في شرح خطورة الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة، وفوضى الآراء، وبازار قنوات الفتاوى، كل ذلك تناولته جلسات المنتدى بالتفصيل قضية قضية وحكاية تلو حكاية، فما شبع المتحدثون وما ارتوى المستمعون، وكان الأمل أن تمتد أيام المنتدى لأكثر من ذلك!!
لقد أبدع المنظمون في اختيار المتحدثين إلى حد بعيد وأجادوا في انتقاء الموضوع الرئيس الذي شكل المظلة التي اجتمعت كل الأحاديث تحتها - “الإعلام العربي في مراحله الانتقالية” الذي لا يذهب بعيداً عن عنوان “العالم العربي في مرحلته الانتقالية”، فالإعلام دائماً سيبقى مرآتنا في السراء والضراء وانعكاس جمالنا وقبحنا، تطورنا وتدهورنا، أملنا وإحباطاتنا، فحتى بعض إعلاميي ما قبل الثورة التكنولوجية جسدوا ذلك في نبرتهم غير المتفائلة أو غير المعترفة بالأحلام، وإن أردنا إنصافهم نقول إنهم رغم ما قدمته لهم دبي من جرعة طاغية من معادلة الأحلام التي تجلت حقائق واقعة في الزمن الصعب، إلا أنهم كانوا يصرون على التمترس بالمنطق هرباً من كلفة الحلم، مع أن الأحلام مجانية “ببلاش يعني والأفكار على قارعة الطريق”.
يقول عبدالله الغذامي “إن أفضل طريق للوصول إلى فكرة رائعة هو أن يكون بين يديك حزمة من الأفكار”، هذا ما تقدمه دبي يومياً، ليس حزمة من الأفكار وإنما خزان من الأفكار، لتقول إن الحلم مشروع جداً، وإن الحلم نبتة لا تنمو إلا بالرعاية والمتابعة، وإن الصحراء لا تشكل عائقاً في وجه الزراعة، فاليابانيون حرثوا الجبال وزرعوا الأرز فيها، ودبي بنت أعلى صرح معماري في العالم، وهي في عين العاصفة الاقتصادية، وها هي تتحول إلى منصة إعلامية قوية على مستوى الشرق الأوسط، وستكون منصة عالمية لكثير من المشاريع المستحيلة.


ayya-222@hotmail.com