حادثة اغتصاب تلك الطفلة في مدرستها لا يجب أن تمر مرور الكرام، فلا يكفي أن تتم معاقبة الجاني ويغلق بعدها ملف القضية لأنها ليست قضية طفلة واحدة، وليست مسألة جريمة وعقاب، فلابد أن تتخذ إجراءات وقائية استباقية. وصحيح أن الشرطة تعمل بجهد على مكافحة الجريمة ومعاقبة الجاني لكن للأسف فإن ذلك لا يكفي لأن الجريمة تكون قد حدثت وانتهى الأمر، فالمجني عليه قد يفارق الحياة وفي أفضل الحالات يكون قد فقد مستقبله وحياته بشكل طبيعي، فماذا يفيده بعد ذلك اعتقال الجاني أو حتى إعدامه خصوصا عندما يكون المجني عليه من فئة الأطفال! الوقاية دائما خير من العلاج، وإذا كانت العقوبة تعتبر رادعا في كثير من المجتمعات، فكيف تكون رادعة لمجرمين لا يقرؤون ولا يكتبون، بل إنهم لا يتابعون الأخبار وفي كثير من الأحيان يكون الجاني قادما من دولة لا تكون العقوبات فيها رادعة. إذا ما الحل؟ قد يقول البعض إن الجريمة والعقاب متلازمان منذ الأزل، لكن السؤال متى سيتم منع الجريمة قبل وقوعها؟ الواقع أن كل القوانين تركز على ما بعد وقوع الجريمة وذلك أمر طبيعي، غير أنه لو فكر المعنيين بوضع قوانين ونظم لمنع الجريمة أصلا قبل وقوعها لحصلنا على مجتمع فاضل، وتلك غاية كل المجتمعات، لكن ذلك لن يحدث، لأن الخير والشر في صراع مستمر منذ الخليقة. وطالما أن القضية حدثت في المدرسة، فلنبق هناك، ماذا لو وضعت القوانين والضوابط التي تخلق بيئة آمنة على الأطفال في المدارس كشرط للحصول على التراخيص اللازمة لممارسة التعليم؟ ماذا لو الزمت المدارس بوضع كاميرات مراقبة في الباحات والممرات والفصول والغرف؟ ماذا لو تمكن أولياء الأمور من متابعة أبنائهم بالصوت والصورة في مدارسهم، خصوصا أن المدارس الخاصة تتقاضى رسوما مبالغ فيها أصلا، ولا تقدم في المقابل خدمات أو حتى مناهج تفرز عباقرة. لماذا مثلا لا تزود الحافلات بمثل تلك الكاميرات؟ ولماذا يكون المراقبون فيها من جنسيات غير عربية؟ ولماذا يكون بعضهم رجال وليس نساءً؟ بل لماذا يكون السائقون من الرجال في حين يمكن توفير سائقات من النساء؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا يتواجد رجال أصلا في مدارس الأطفال، في حين يمكن توفير المهن نفسها من بين النساء؟ واختم بتساؤلات حول تعامل الإعلام مع القضية، ترى هل فكرت وسائل الإعلام في تغليب أخلاقيات المهنة على السبق الصحفي؟ بل هل فكرت في مستقبل الطفلة قبل نشر القصة واسم وصورة الطفلة وصوتها! bewaice@gmail.com