حرص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي على تسلم تقرير «اللغة العربية لغة حياة» من الدكتور فاروق الباز رئيس لجنة تحديث اللغة العربية في حفل مهيب بأبراج الإمارات في دبي بعد ظهر أمس يؤكد الاهتمام الكبير الذي يوليه سموه والقيادة لتعزيز اللغة العربية اللغة الرسمية للبلاد ورد الاعتبار إليها في مجتمعها.
وقد جاء الحفل بعد أقل من ثلاثة أيام على اختتام مؤتمر حماية اللغة العربية الذي عُقد في دبي، وحرص سموه على حضور جلسته الافتتاحية والتأكيد على الأهمية التي توليها القيادة الرشيدة لتعزيز اللغة كأحد أهم أوعية وأدوات ترسيخ الهوية الوطنية.
ويعد التقرير بمثابة خطوة إجرائية لتفعيل دور اللغة العربية واستخداماتها في حياتنا المعاصرة بعد أن حاول البعض إيهامنا بأنها لم تعد تجاري العصر الحديث، ونسوا أن اللغة كائن حي يتفاعل مع محيطه خاصة عندما نتحدث عن اللغة العربية التي أنزل بها رب العالمين كتابه المجيد بلسان عربي مبين.
لقد كان في مقدمة عوامل تراجع اللغة العربية في المجتمع ما جرى على يد الكثير من مؤسسات التعليم العالي والمسؤولين عنها الذين روّجوا أن اللغة العربية ليست صالحة كلغة علوم عصرية وحاولوا إقناعنا بذلك لتزدهر في أعقابها أكشاك تدريس اللغة الإنجليزية والإعداد لاجتياز امتحانات الالتحاق بالجامعات والكليات التي أصبح شرط امتلاك ناصية اللغة الإنجليزية مفتاح الوصول إليها.
وامتدت العدوى إلى المدارس الخاصة التي دخلت هي الأخرى في سباق الترويج لمناهج باللغة الإنجليزية وغيرها من اللغات الأجنبية واعتبار مثل هذه الخطوة مقياساً ومعياراً للتعليم النوعي التي تزعم أنها تقدمه لأبنائنا وتؤهلهم بها لمواصلة تعليمهم العالي ومن ثم الانخراط بسهولة ويسر في سوق العمل الذي لا ننكر أنه بدوره أيضاً منح التفوق والأولوية للمتحدثين بلغات أجنبية، وعلى رأسها الإنجليزية.
ورغم مرور عدة سنوات على هذا التجاهل للغة العربية أكدت تقارير هيئات المراقبة التابعة للمجالس التعليمية عدم نجاعة وصحة تلك التوجهات، ليس ذلك فحسب بل أشارت لخطورة تأثيرات ذلك التوجه بتهميش اللغة العربية على الهوية وأجيال الغد.
إن جهود رد الاعتبار للغة العربية والتي يمثل تقرير «العربية لغة حياة» يُحيي الآمال بأننا وضعنا أيدينا على مكمن العلة وأننا بصدد خريطة طريق تحمل آليات محددة للنهوض باللغة ومواكبتها لمتطلبات العصر.
وعندما نشدد على هذا الأمر فإن ذلك لا يعني تجاهل تعلم اللغات الأخرى، بل إن توجهات تعلم لغات غيرنا من الأمور التي يحض عليها ديننا الحنيف باعتبارها من قواعد طلب العلم والاجتهاد. وتؤكد في الوقت ذاته على وجوب المحافظة والاهتمام بالهوية الوطنية من خلال التمسك باللغة الأم وهي اللغة التي أكد دستور الدولة أنها اللغة الرسمية للبلاد، وهي التي شهدت في فترات ماضية تجاهلاً ملحوظاً يتنافى مع كل القرارات والتعليمات الصادرة من أعلى المستويات لتعزيز استخدام اللغة العربية كأداة في التعامل والتخاطب مع الجهات الرسمية والخاصة التي نأمل أن تتفاعل مع هذه المبادرات المهمة لجعل «العربية لغة حياة».


ali.alamodi@admedia.ae