لم أعد قلقاً على «الأبيض».. ليس «أبيض الخليجية» وإنما منتخبنا للأيام القادمة، ففريق بهذا الشكل وبتلك الروح، يبعث على الفخر، وهذا الفخر يكفينا.. نعم «الفخر» وحده يكفينا، ودائماً ما نؤكد على هذه النظرية، وتلك الحالة «الأبدية» وهو أن هناك فرقا بين الفرح وبين الرضا.. كلاهما سبب للسعادة، لكن الرضا سبب للاطمئنان وللثقة، ومع «الأبيض الجديد» بتنا ندرك أننا على أبواب مرحلة جديدة، في تصفيات آسيا، وفي تصفيات المونديال.. هناك ما نراهن عليه، ومن نعلق في رقبته أحجيات الأماني، ونحن في انتظار أن يعود مظفراً أو على الأقل، يعود لنا بالرضا والاستحسان. في كل أحواله، رائع الأبيض، والسبب أنه لا مكان فيه لأساسيين وبدلاء، وإنما الجميع في صفوفه جنود يدافعون عن أمل، ويلعبون ليمتعونا أولاً وبعدها تأتي الأماني.. السبب أنه بناء مختلف، تعهدناه منذ كان صغيراً، فاكتملت المعادلة، وجاءنا البرهان العملي على أن بناء الفرق لا يختلف عن بناء البيوت، ولا يختلف عن الزراعة.. لا شيء يبدأ من أعلى، وإنما من القاعدة، وبقدر ما تعطي وتتعهد بالرعاية، بقدر ما يكون الحصاد رائعاً ومثمراً مثلما هو حالنا مع الأبيض اليوم. أكثر من سبع سنوات قضاها معظم نجوم هذا الجيل مع بعضهم حتى الآن، مذ كانوا بمنتخب الناشئين، وحتى مرحلة الشباب التي جنوا فيها كأس آسيا وتأهلوا لكأس العالم، ثم المرحلة الأولمبية، بمجدها في الآسياد من خلال فضية تاريخية وفي الخليج، وأخيراً في لندن، حيث سجلوا مشاركة تاريخية للإمارات، واليوم وهم في مرحلة المنتخب الأول، ليس بالإمكان أن يكونوا بمعزل عن هذه «الجينات» التي توارثوها في مختلف أطوارهم.. ليس مقبولاً ولا منطقياً من تلميذ اعتاد التفوق أن يتسرب من المدرسة فيما بعد، أو يترك المركز الأول لغيره.. لكنه في كل أحواله يبذل ما عليه، وينتظر النتائج. كم هو رائع هذا الجيل، وكم هو رائع الإحساس بأن لديك من يستطيع تحقيق أحلامك، ومضى زمن طويل لم نقطع فيه مشوارنا بهذا السيناريو الكاسح، بأن نحصد تسع نقاط من تسع، وأن نلعب ببراعة بهذه الوجوه أو تلك، أو أن نجلس في انتظار الفوز قبل الخسارة.. مضى زمن طويل، باتت فيه قلوبنا أكثر جرأة مع هؤلاء اللاعبين، من كثرة ما تعودنا منهم، وما قدموا لنا.. ومضى زمن طويل لم نراهن فيه على المجموع، وننسى الأفراد مثلما فعلنا مع هذا الجيل. الآن، وقد باتوا في نصف النهائي، أعتقد أنه من الإنصاف والعدل مع هؤلاء اللاعبين أن نقر أن كل شيء وارد، وأننا في مرحلة «الكأس»، حيث لا شرط أن يكون البقاء للأفضل أو للأقوى، وإنما للأكثر توفيقاً، ومن هنا، لن نحمل لاعبينا فوق ما يطيقون، وإنما سنشد على أيديهم، ونؤكد لهم أننا فخورون بهم في كل الأحوال، وفي كل الأمسيات، فقد أمتعونا وشرفونا، ويستحقون منا أن نقول إن ما تحقق حتى الآن كافٍ، وإن كان من مزيد فهو «فضل من الله ونعمة»، وأن رهاننا الأكبر عليهم، يبقى في الميدان الأكبر. كلمة أخيرة: لا جميل أكبر من أن تهديني السعادة. mohamed.albade@admedia.ae