تمتد تجربة الشاعرة خلود المعلا في فضاء الشعر بإصدارها الأخير «أمسك طرف الضوء»، ويمتد نهجها المختلف عن تجارب سبقت وأخذ روح الشعر فيها حيزا كبيرا ومتسعا، ولم تلتفت الشاعرة الى الأضواء من حولها وهي من طبيعتها لا تتحرى سوى الشعر، ولا يسكنها سواه نبضا يحاكي الروح ويشارف على عالمها.. انه شغف البهجة في الذات فأخلصت للتجربة وهي تعلو بها رويدا الى الأفق متزنة في رحاب القيمة الفكرية، فالشاعرة خلود المعلا تمكنت من تجربتها حتى تحلت المفردة الشعرية لديها بالنضج. تجربة دفعت بالشاعرة أن تعبر بصوتها المنابر العربية والعالمية، وتنثر شعرها بالمحافل الثقافية التي ترتادها، ما عمق التجربة وأكسبها خاصية التتويج بأنها تنوب عن الشعر الإماراتي إلى جانب شاعرات صوبن كتاباتهن نحو المنابر العربية من أمثال ظبية خميس وحمده خميس. وأكسبتها المشاركة الفعالة قيمة أخرى حين بثت شعرها نحو الترجمة الى لغات مثل الأسبانية والتركية والكوستاركية، وهي لغات مهمة وحصيلة يتمناها المبدع حين يتجاوز بمشروعه الأدبي الحدود، وهو المكسب الحقيقي من وراء النسق الإبداعي حتى يكتمل. لخلود المعلا خمسة مجاميع شعرية بدءا من «هنا ضيعت الزمن» 1997 وحتى «أمسك طرف الضوء» 2013، وحين أهدتني ديوانها الأول عام 1999 ذهبت الى الصفحة 111 فوجدت بقايا وردة تحللت، فعلمت بأن الكتاب المهدى إليّ يحمل خاصية لها وحدها وبدأت من تلك الصفحة قصيدة بعنوان اللوحة وتقول: أتحسس وسائدي الليلة لا صوت للدموع.. لا لضجيج النفس.. أوراق الفجيعة تتطاير.. من فتحة النافذة الضيقة.. الى آخر القصيدة. وحين أهدتني الشاعرة مجموعتها الأخيرة، بدأتها من نفس الصفحة فكانت القصيدة بعنوان: إيقاع.. تقول: هذا الصمت صرخة حادة للوحدة.. قلبي هادئ.. لا ينتظر أحدا.. هكذا اسمع إيقاع حياتي.. نلحظ المفردة الشعرية لدى الشاعرة «لا صوت للدموع»، و»أوراق الفجيعة تتطاير»، وفي القصيدة الحديثة تقول: «الصمت صرخة» و»قلبي هادئ لا ينتظر أحدا» و»اسمع إيقاع حياتي»، ونلحظ اتجاه الشاعرة نحو كسر جمود الكون فلا طوق يحدها ولكن شفافية الشاعرة وتملكها خاصية شعرية تبرز في عالمها، فهي تجيد لغة التضاد وبها تجذب المتلقي وتحرره من النمطية المعتادة في الحياة، بل تضفي عليه لغة التفكير في النص بعيدا عن المتعارف المتجسد في حياتنا اليومية، وبهذه اللغة نكتشف دلالات جميلة ومبهرة. ومثال آخر فتقول في قصيدة «شمس»: لا أفرح بالشمس.. لأنها تبدد غيمتي التي طالما أنتظرتها.. فأدرك أن الحياة زائلة.. فمن لا يفرح بالشمس بمعنى اللفظ الحقيقي بل الشمس دلالة إشراقة، ولكن بالمعنى الشعري والدلالة الفكرية والصورة المهيمنة لديها وهي صور فلسفية روحية تستلهم منها الشاعرة مفردات الحياة كالماء نجد ملامحه في أكثر من قصيدة، ومثله الصحو والصمت والشمس والمطر والرياح، ولكن بلغة الشاعرة المحملة بصفات أجمل مما نتوق إليه..