في ليلة من ليالي الوفاء على أرض الأوفياء، وقف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة ليخاطب حضور حفل تكريم سموه لاختياره شخصية العام الثقافية في الدورة الرابعة لجائزة الشيخ زايد للكتاب، فارتجل كلمة أسرت الجميع، وهو يتحدث عن القائد المؤسس الذي تحمل الجائزة اسمه، فقال إن «زايد أمّن الخائف، وأطعم الجائع، وعلم الجاهل، وكونهم أمة».
ووسط بحر الأضواء لامست كلمته شغاف القلوب، وهو يدعو «كل أب وكل أم أن يمسكوا القلم، ويجمعوا أبناءهم من حولهم، ويكتبوا (هذا ما كان يحبه زايد، وهذا ما كان لا يحبه زايد)»، وقال «لنجمع الأوراق، لا لنضعها في الرفوف، ولا نتغنى بها على الدفوف، وإنما لتحفظ في الصدور، وفي مقدمة الدستور، فبهذا نكون قد وفينا للرجل حقه».
وفي حديث سموه الشامل، الخميس الماضي، استعاد تلك الكلمات التي تعود لليلة الخامس من مارس 2010 في العاصمة أبوظبي، ودلالاتها، وسموه يعود للمقدمة الواردة في الدستور المؤقت لدولة الإمارات العربية المتحدة، قبل أن يتحول إلى دستور دائم، والتي حملت التزاماً واضحاً وصريحاً من القادة المؤسسين بتحقيق الحياة الكريمة لشعب الإمارات، وإعداده «للحياة الدستورية الحرة الكريمة، مع السير به قدماً نحو حكم ديمقراطي متكامل الأركان، في مجتمع عربي إسلامي، متحرر من الخوف والقلق». و«تحقيق ذلك من أعز رغباتنا، ومن أعظم ما تتجه إليه عزائمنا، حرصاً على النهوض ببلادنا وشعبنا إلى المنزلة التي تؤهلهم لتبوء المكان اللائق بهما بين الدول المتحضرة وأممها، ومن أجل ذلك كله نعلن أمام الخالق العلي القدير، وأمام الناس أجمعين موافقتنا على هذا الدستور». كان ذلك منذ أكثر من أربعة عقود مضت، ومند بواكير عهد التأسيس على يد زايد وإخوانه المؤسسين، رحمهم الله أجمعين، وحتى رحاب عهد التمكين بقيادة قائد مسيرة الخير صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، تحقق لأبناء الإمارات من الإنجارات والمكاسب ما هو أقرب للمعجزات، في مسيرة اتسمت بالنضج والتدرج والعطاء والإنجاز التي لا يستطيع أن يحجب نور ضيائها «مهما تشدق الأشدقاء»، كما قال صاحب السمو حاكم الشارقة، مؤكداً أن حكام الإمارات يسيرون على منهج مرسوم يتطور مع السنين، وهم يعملون بصمت وبذل وإيثار، في إمارات المحبة والعطاء ، و«لذلك كتب الله لها هذا النسق من التفاهم والتعاون بين حكامها»، وأبناؤهم المواطنون يلتفون من حولهم ليسجلوا أروع صور التلاحم الوطني ومتانة اللحمة الوطنية العصية على الاختراق. وقد أثبتت الأيام قوتها ومتانتها، وهي تعبر عن نفسها بكل صدق وعفوية في مناسبات عدة، وبمبادرات تجسد عزيمة الصادقين ممن تشرفوا بالانتماء لهذه الأرض، والذين وقفوا كالبنيان المرصوص خلف قيادتهم، عندما أراد البعض ممن خانتهم”البوصلة” وأخطأوا العنوان، القفز فوق المراحل، ومحاكاة “خريف” المحبطين، والتشويش على منجزات ومكتسبات، هي ثمار رؤية ناضجة، شهد بعطاءاتها القاصي والداني، ووضعت اسم الإمارات وإنسان الإمارات في صدارة مؤشرات التنمية البشرية. لتجدد معها تحايا التقدير والفخر والاعتزاز لكل وفي أوفى بالعهد لوطن الوفاء وشيوخ الوفاء.


ali.alamodi@admedia.ae