مثل أمام المحكمة في أبوظبي قبل أيام أوروبيان، بينما يحاكم شريك ثالث لهما غيابياً، بتهمة الاستيلاء على ثلاثين مليون درهم من ضحاياهم الأربعين الذين اجتذبتهم إعلانات قام بنشرها المتهمون، يعرضون للبيع من خلالها أراضي في إحدى مناطق العاصمة البريطانية لندن، يتراوح سعر القطعة الواحدة ما بين 30 و60 ألف درهم.
وقد كشفت التحقيقات أن المتهمين لم يكونوا مخولين ببيع هذه الأراضي التي اتضح كذلك أنها في مناطق زراعية، وليست ضمن أي مخطط سكني أو استثماري.
تكشف الواقعة ما ذكرنا من قبل عن ضرورة ردم الثغرات التي يستطيع من خلالها أمثال هؤلاء الإيقاع بالراغبين في الشراء أو الاستثمار العقاري، وفي مقدمة هذه الثغرات عدم وجود ضوابط تمنع كل من هب ودب من الإعلان عن بيع شيء لا يخصه أو مخول بالتصرف فيه.
قبل هذه الواقعة حدثني ملحق تجاري أجنبي عن واقعة مماثلة، حيث كان وسيط عربي، لديه مكتب في إحدى المناطق الحرة بالدولة، يقوم بنشر إعلانات عن بيع أراضٍ وعقارات في دولة إسكندنافية مع امتيازات وتسهيلات في الإقامة.
وقال إن قوانين بيع العقارات في تلك الدولة صارمة للغاية، وأثمانها باهظة، ولا تقدم أي تسهيلات من تلك الواردة في الإعلان. وبالفعل لم تمض بضعة أيام حتى انكشف “الوسيط” وفر من دون أن نعرف آثار تلك الإعلانات التي كانت تتحدث عن صفقات “مغرية” و”لا مثيل لها”.
إن الكثير من الشركات العالمية المرموقة العاملة في مختلف المجالات تفد إلى دولة الإمارات للتعريف بأنشطتها، وعرض فرص الاستثمار المتاحة عند العمل معها أو عن طريقها. ولها قنواتها المتعارف عليها سواء كانت معارض معتمدة أو من خلال مكاتب لها أو وكلاء محليين.
كما أن كبار رجال الأعمال لهم قنواتهم التي يعتمدون عليها عند تحديد خياراتهم الاستثمارية خارج الدولة. ويبقى صغار المستثمرين الذين تستهويهم “العروض الطائرة” المتناثرة بين صفحات الجرائد والمطبوعات الإعلانية التي توزع مجاناً، وغالباً ما يكون هؤلاء ضحايا تلك الإعلانات، وآخرون ممن يرغبون في توظيف “مدخراتهم” قبل أن تتآكل مع مرور الزمن. لذلك تتزايد أهمية وجود الضوابط الكفيلة بمنع الإعلان عن مثل هذه الأمور إلا بوجود اعتماد بنشرها من قبل الجهات المختصة في دوائر التنمية الاقتصادية أو من خلال مكاتب مرخص لها بالعمل.
إن ظهور هذه الحالات تكشف كذلك إخفاق البنوك المحلية في استقطاب السيولة وتوظيفها في مشاريع استثمارية.
كما أن بروز مثل هذه القضايا يعد من نتائج توسع المطورين العقاريين عندنا في المشروعات الفاخرة، مما جعل هذه الشرائح من صغار المستثمرين تتجه إلى الخارج، والبحث عن فرصة تتحول إلى مغامرة غير مأمونة العواقب، كما حدث للأربعين شخصاً في القضية التي ينظر فيها القضاء.
إن وجود ضوابط صارمة فيما يتعلق بالإعلانات العقارية سيساعد في الحد من قضايا الاحتيال العقاري. كما أنها ستساهم في استعادة الثقة بالإعلان كوسيلة، يلجأ للاستفادة منها المؤجر والمستأجر والمستثمر، وتحقق الاطمئنان لكل الأطراف، وبالذات السوق العقارية.


ali.alamodi@admedia.ae